كانت همستي السابقة في أُذُنٍ واحدة، عن موضوع تتبع عورات الآخرين، ونقل وتناقل ونشر معلومات أو صور أو فيديوهات عنهم.
أتمنى أن نكون قد استوعبنا المساوئ الناجمة عن فعلها، وتوقفنا عن ممارستها، وسألنا الله سبحانه وتعالى التوبة والرحمة.
هذه الهمسة في الأذُنَين معاً، اتطرق فيها لفئة ثانية تقوم بأعمال قد يكون بعضها أسوء من بعض أعمال تلك الفئة السابقة.
كثرت وسائل التواصل الاجتماعي، وفتحت المجال أمام العاقل والجاهل، البالغ والقاصر للتصوير والكلام والحديث المفيد والضار، والسخيف واللغط دون حُسْنِ استخدام هذه الوسائل، بلا حسيب ولا رقيب.
البعض يصور وينشر، والبعض يكتب ويرسل، وآخرُ ينقل ويتناقل وَيَحُثْ على المساهمة في النشر حتى قبل أن يقرأ أو يفهم ما يُرْسَلُ له، أو يتأكد من صحة ما ينقله أو يطالب ينشره.
والبعض كأنه مراسل بريد، يرسل لجميع المجموعات المشترك فيها كل ما يصله أو تطاله يده دون أن يعرف محتواه، أو يستوعب معناه، أو يفهم أهدافه، حتى الصحف والأخبار والتك توك وغيرها، وبعض رسائل الواتس آب الغير لائقة لم تسلم من بعضهم، رغم تواجدها لمن يستجيب لوسوسة الشياطين.
كذلك الحال بالنسبة للكتابة بلغة عجيبة وألفاظ ركيكة، ومعانٍ غير مهذبة، أو عبارات سخيفة، وحركات غير مناسبة، وخاصة من الناطقين بلغة القرآن الكريم.
الكتابة في حد ذاتها فَنٌ جميل، وذوق رفيع، وهبة إلهية، وتعبيرات ذاتية داخلية، ومتعة جميلة تروح عن النفس. تريح القلب، وَتَسُرُّ الفؤاد، وتطمئن الخاطر، وتُهَدِّئ الأعصاب إذا سلكت الطريق القويم.
الكتابة إحدى هواياتي الجميلة، واستخدام قواعدها وأصول منهجها عنصر أساسي في دِقتِها وجمال تعبيرها لأنها لغة القرآن، ولغة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.
الغريب في الأمر، والملاحظ على الكثيرٍ من مستخدمي هذه الوسائل الحديثة، أنهم يستخدمون اللغة العامية أو الدارجة في بلدتهم، والبعض يستخدم كلمات مكسرة وجمل غير متناسقة، أو عبارات غير مناسبة مليئة بالأخطاء والألفاظ المُحْرِجَة، والجمل الغير مهذبة، والحركات الهزلية والاستهزائية.
البعض يدخل في مجالات أخرى ومواضيع متشعبة، ليست في مجاله، ولا تليق به ولا بمكانته، ولا جدوى له فيها ولا منها (ما له لا في الثور، ولا في الطحين) يحشر نفسه دون أن يعرف محتواها أو يفهم معناها، ولا يدرك عواقبها.
وهذا أمر يجانب الصواب، ويوقع في الخطأ، وقد يتسبب له في العقاب، أو في مشاكل جسيمه عاجلاً كانت، أم آجلة، لم تكن في الحسبان.
لاحظت أيضا أن بعض الإخوة لا يقرأ ما يصل في الموقع المشارك فيه، فتجد أن بعض المواضيع يتكرر إرسالها عدة مرات متتاليه على فترات متفاوتة ومن أشخاص مختلفين، وكأنهم يتسابقون على نشرها، مما يجزم بعدم قيام أي منهم بالاطلاع على ما ورد في المجموعة (قروب -واتس آب) قبل أن يقوم هو بنشر ما لديه.
وهذا أمر جلل، وخلل جسيم، وسوء استخدام لتلك الوسائل.
نشر العلم والمعرفة والثقافة، وتبادل الآراء البناءة، والأفكار الهادفة شيء جميل جداً ومجهود يشكر عليه فاعله ما دامت فيها جدوى ومنفعة مشروعة، ولها أهداف بناءة، ورؤيا واضحة، وخاصة مع مجريات التطورات المتنوعة، والمعلومات المستحدثة.
هذه الوسائل المتطورة شأنها شأن كل جديد ومستحدث، لها الكثير من المميزات الإيجابية، مثل الأهداف البناءة، إذا أحسنا استخدامها، وهي نعمة عظيمة وفرصة ثمينة.
جعلت العالم على اتساع رقعته، وتباعد مواقعه، وترامي أطرافه كأنه مطار دولي واحد، أو محطة قطار دولية يلتقي فيها كل من يريد أن يتعلم ويُعَلِّم، يتعرف على الآخر، يُثَقِف وَيَتَثقَّفْ، يزداد معلومات ويستنير بالأفكار المفيدة.
يكون سفيراً جيداً -على الأقل- لدينه ووطنه، وليس العكس.
كذلك، لها سلبيات كثيرة، منها ما أتحدث عنه أعلاه، وكل ما يخرج عن المزايا أو الإيجابيات، فهو غثاء، وهدر للوقت، وإرهاق للفكر، وغيِبة للآخرين، وهي ممنوعة شرعاً وقانوناً.
وما أكثرها على مواقع التواصل، وما أبشع ردود أفعالها وأفظع أضرارها على الذكور والاناث، وخاصة أطفال اليوم، جيل المستقبل وما سيُخَلِّفُهُ ذلك عليهم وعلى الأجيال القادمة.
الكل يعلم حق اليقين بأن الأمواج تسير تبعاً لاتجاه الرياح وسرعتها، وتتغير بين لحظة وأخرى دون سابق إنذار. تَشْتَدُّ وتختلف كثيراً في البحار، وتتضاعف في المحيطات.
لذلك، علينا اتخاذ الحيطة والحذر، وعدم التهور في جميع شؤون حياتنا العامة، حتى لا نُلْقِي بأنفسنا الى التهلكة.
نتريث كثيراً قبل ان نركب إحدى تلك الأمواج، منخفضة كانت أم مرتفعة، فقد تشتد سرعتها، أو يتغير مسارها بين لحظة وأخرى.
علينا أن نكون مؤهلين ومستعدين حتى لا تأخذنا لأعماق البحار، أو المحيطات.
عندئذِ، لا ينفع الندم على ما كان، ولا الحسرة على ما سيكون.
عفوا أخي القارئ، لا تفهمني خطأ، فأنا بالتأكيد لا أعني بهذا عدم الكتابة، أو عدم التصوير، أو عدم النشر، وإنما الهدف من ما أدونه بالقليل من التلميح، هو أن نحسن اختيار ما نتبنى نشره بعد الفهم والإدراك، ومراعاة عدم التكرار، وأن يحقق الأهداف البناءة في المجتمع حتى يكون فيه ثواب عظيم شامل، بدلاً من أن نتعرض لما نحن في غناً عنه.
علينا جميعاً ان نتحكم في عواطفنا، ونستوعب حقيقه ما يجري حولنا، وما يُحَاك لنا، وما قد لا نراه من خلفنا.
نحكم بالعقل، ونتكلم بالمنطق، ونستنير برأي من هو أعلم منا فيما نجهله، حتى لا تأخذنا العواطف وسرعة الانفعال لطريق بعيد، قد لا تكون فيه عودة.
لذلك، على كل إنسان مِنَّا أن يعيد قراءة ما كتب، أو ما سَجَّلْ، ويستعرض ما صور، ويقرأ كل ما يصله، ويفهم ما فيه، وما الهدف منه قبل أن يتبنى نشره، أو توزيعه، أو ترويجه والإعلان عنه في مجموعاته حتى لا تتسبب له في مشكله مستقبليه، لم تكن في الحسبان.
أتمنى على الجميع أن نتحاشى هذا الخلل الجسيم، وان نردم هذه الفجوة قبل أن يتعذر ردمها، وأن نبتعد عن كل السلبيات، ونسعى جاهدين لتحقيق المزيد من التميز والإبداع والعالمية، مواصلين مسيرة التنمية المستدامة والرؤيا البناءة 2030م، متكاتفين متضامنين ومتحابين.
أتذكر مثل قديم تعلمناه في طفولتنا (لا تَتَدَخَّلْ في ما لا يَعْنِيِكْ، حتى لا تَسْمَعَ ما لا يُرْضِيِكْ). يظل هذا المثل ساري المفعول على مر العصور والأزمان واختلاف الأحداث والأحوال.
تمشياً مع التطورات الحديثة، والأحداث التفاعلية، والخطوات التنموية، ووسائل التواصل الواسعة الانتشار، المتعددة الوجهات، المختلفة المسميات والمميزات، أجد أن الله سبحانه وتعالى- قد يمكنني من تطوير هذا المثل العريق، أو الحكمة البليغة المعنى، الواسعة الأهداف لتصبح كالتالي (لا تنقل ولا تتناقل ولا تنشر ولا تصور ما لم تفهم، أو ما قد يؤذيك، حتى لا تقع في ما لا يرضيك)
الخلاصة:
الاندفاع تهلكة، والحذر واجب، إذا كان الكلام من فضة، فالسكون من ذهب، والتريث حكمة، والنصيحة أمانة.
اللهم فاشهد أني قد أديت الأمانة.
دمتم في خير وعافية وسلام وأمان بحفظ الرحمن.
صح لسانك باشمهندس ابراهيم جستنيه كلام جميل جداً كلام لايجروء احد ان يناقشه لانه فعلا هو الحقيقة ويجب علي الجميع مراجعة ما يكتبه لان الكلام أناقة فأختر كلماتك كما تختار ثيابك وعطرك .. فالناس توجعهم الكلمة القاسية .. وتسعدهم الكلمة الطيبة .. وإن من الكلام ماهو أشد من الحجر .. وإن القلوب مزارع فإزرع فيها الكلمة الطيبة .. فإين الاخلاقيات والقيم والمباديء التي تربيني عليها وفعلا يجب ان يكون هناك وقفة مع انفسنا في كل ما نكتبه واحسنت باشمهندس ابراهيم في كل كلمة كتبتها …💜