إبراهيم بن حسين جستنيه

دراسة “المخيمات المتعددة الأدوار”

يدور حديث طويل ومحاولات عديدة منذ فترة طويلة حول إنشاء أو بناء مخيمات متعددة الأدوار عوضاً عن المخيمات ذات الدور الواحد والتي تم إنشائها في مشعر منى بعد إزالة المباني المتعددة الأدوار التي كانت موجودة به، وإقامة كبري الجمرات أكثر من مرة، وما تلاها من توسعات وتطورات مختلفة فيه على مدى أكثر من ثلاثين عاما.

لا أزل أتذكر مقترح مشروع ضخم جداً وشامل لمشعر منى، تمت دراسته منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما، على أثر أكبر وأول حريق نشب في المخيمات القطنية العادية التي كانت شائعة الاستخدام آنذاك، توقف وطُبِقَ بدلاً عنه مشروع الخيام أو المخيمات البيضاء المقاومة للحريق ذات الدور الواحد، مما جعل مشعر منى أكبر مدينة خيام بيضاء في العالم، ورغم ما قُدٍم من مقترحات بجعلها متعددة الأدوار وقابلة للطي، مشابهه لما استخدمه مركز أبحاث الحج في تلك الفترة.

اليوم نعود لنفس المشكلة السابقة، وهي عدم قدرة المكان على استيعاب الحجاج الحاليين، مما يؤدى للتفكير في تكرار الأدوار لاستيعاب ضعف العدد الحالي تقريباً، وبنفس الطريقة القائمة تقريباً. 

تزايد عدد الحجاج، وخطة الرؤيا 2030م، تطمح أن يصل عددهم لعدة ملايين قد تتجاوز (20) مليون حاج أو حاج ومعتمر.

مسطح مساحة مشعر منى محدود شرعاً، وكبري الجمرات ذا الطوابق الخمسة وفروعه المتعددة أدى دوراً فاعلاً لتيسير عملية الرجم، وأخذ جزءً كبيراً من المساحة. الجهود التي تبذلها الدولة وبقية الجهات ذات العلاقة تتضاعف في كل عام، وستحتاج لمواقع إضافية لضمان تقديم أفضل الخدمات.

سنحتاج بعد كَمْ عام إعادة النظر في زيادة الدور الثالث وربما الرابع للمخيمات وإعادة تحديث البنية التحتية وإضافة الكثير من الخدمات الضرورية لتغطي احتياجات الحجاج ولتوفير أكبر قدر ممكن من الخدمات لضيوف الرحمن.

قد يكون من الأجدر أن نفكر بروية أكثر، ونظرة أبعد، وطموحات أوسع ونجعل من مشعر منى مدينة صغيرة، أو حي أنموذجي، متكامل المنشآت والخدمات، متنوع المباني المتعددة الأدوار، بطراز معماري إسلامي خاص بالمشاعر المقدسة، ويصبح مقراً دائماً للحجاج والمعتمرين على مدار العام، وليس قاصراً على خمسة أيام فقط من كل عام، ونستفيد من خدمات النقل العام على اختلاف أنواعه منه وله وبه، ونخفف الضغط عن التكدس السكاني في المنطقة المركزية، وتبقي للراغبين في البقاء فيها وحولها فقط وبأسعار تناسبها.  

لو أجرينا عملية حسابية تقريبية أو تقديرية، بين قيمة إعادة بناء المخيمات لدورين ثم لثلاثة وأربعة ومتطلباتها، وقمنا بعمل مقارنة شاملة، بعد وضع الدراسات الأولية وفقاً للمعايير والمقاييس الجديدة والتي قد تتطلبها طبيعة المنطقة، وحالتها في التصميم المقترح، وأشركنا معها عملية تشغيل قطار المشاعر لزيارة جبل عرفات، وربطه بقطار مكة أو قطار الحرمين، وركزنا على البعد الاقتصادي والمجتمعي، قد نجد الفارق الشاسع الذي سيشجعنا على سرعة اتخاذ قرار البدء الفوري في إنشاء هذا المشروع الحيوي في عدة مراحل سريعة متوازية ومتزامنة تضمن لنا تحقيق أهداف الرؤيا الحالية 2030، والمستقبلية 2050. 

هذا المشروع لو تمت مناقشة فكرته وعمل دراسات شاملة من قبل استشاريين مواطنين لمعرفتهم لمعنى الحج وظروفه، ومواطنين من ذوي الخبرة والعلم والمعرفة، وطرحة في مشروع استثماري متكامل المراحل، وإضافة تشغيل قطار المشاعر له طوال العام بدلاً من اقتصاره على ساعات معدودات من العام، سيكون مصدراً جديداً لتشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، وبنك وطني كبير لرؤوس أموال ضخمة واستثمارات عالية وضخمة جداً، وبمساهمة حكومية وإدارة مستقلة تقوم على تنفيذ وإدارة وتنظيم مراحل المشروع ووضع الأسس الصحيحة للاستفادة منه بأسرع وقت ممكن.      

معذرة، فأنا لا اكتب هذا من وَهْمٍ أو فراغ، وإنما أكرمني الله سبحانه وتعالى، بواقع عاصرته وتعايش معه لسنوات عديدة مع مجموعة كبيرة من أساتذتي الأفاضل وأقراني الكرام ومن عاصَرَنا من الأحباب والأحبة خلال تلك الفترة.

كم أتمنى أن تصل الفكرة لذوي الاختصاص والمسؤولية، ومناقشتها من جميع الجوانب مع ذوي الخبرة والكفاءة الوطنية في جميع التخصصات، وأنا على يقين تام بالنتيجة البناءة والتي ستحقق تلك الطموحات وتوصلنا لمراحل الرؤيا رغم تفاوت سنواتها، خاصة ونحن نشهد عهداً جديداً وتطورات سريعة في مجالات متعددة، وقفزة عالية نحو العالمية، وعناية خاصة للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.

نسأل الله حسن التوفيق، والحمد لله رب العالمين.

3 ردود على “دراسة “المخيمات المتعددة الأدوار””

  1. فكرة ورؤية صحيحة لأنها ستحقق الطموحات وتوصلنا لرؤيا وتشهد فيها عهدااا جديدا وتطورات سريعة في جميع المجالات وقفزة نحو العالمية واستيعاب الملايين من حجاج بيت الله الحرام وبارك الله في شخصك الغالي باشمهندس إبراهيم جستنية ونسأل الله تعالى التوفيق للجميع

  2. فكره ممتازه بشمهندس … وهي ليست حديثة .. وقد ادلى بهذه الفكرة رحمه الله الاستاذ عبدالوهاب محمود فقيها نائب رئيس مجلس ادارة مؤسسة حجاج تركيا عام 1403 … ثاني سنة من تأسيس المؤسسات .. وفكرته كانت تشير الى تعدد الادوار من دور الى ثلاثة ادوار مع مراعاة الطابع الروحاني … مع استغلال الادوار الارضية لكافة الخدمات … وللاسف لاقة فكرته صدود قوية من الجهة المعنية بالحج .. بحجة محافظتهم على روحانية الحج.
    تحياتي..

  3. بارك الله فيك د. ابراهيم افكار عقلانية للتوسع الرأسي وزيادة الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة وخاصة في منى وهي افكار تم تجربتها سابقاً من بعض مؤسسات الطوافة ومنها مؤسسة الدول العربية ولكن نظراً لوجود جهات مختصة في تطوير المشاعر المقدسة وهي الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وذراعها التنفيذي كدانة وهي المخولة رسمياً بالتطوير فحتماً لديهم افكار ابداعية لزيادة الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة ومن الممكن الاستفادة من طرحكم القيم .. وفقكم الله

التعليقات مغلقة.