إبراهيم بن حسين جستنيه

همسة “شهر القرآن والغفران”

قبل بضعة أشهر، ودعنا شهر التسامح والمحبة والسعادة ونحن واثقين من كرمه وقبوله -سبحانه وتعالى-

خلال أيام قليلة قادمة -بمشيئة الله تعالى- سنستقبل رمضان آخر، إذا قسم الله لنا فيه أجلاً، بعد أن أمضينا بضعة أشهر من سنته، سيكون فرصة جديدة، ومنحة إلهية عظيمة لنا وقد بلغنا من العمر عتيا.

يعود علينا رمضان المبارك هذا العام 1446 هجريه ونحن بفضله تعالى ننعم بالصحة والعافية وحسن الشكر، وقد تعلمنا أشياءً كثيرة من الحياة، واكتسبنا بعضاً من المعلومات والخبرات المتنوعة، ومرت بنا العديد من التغيرات الحسنة والمحبة المتبادلة، والمتغيرات المتنوعة، وتجاوزنا كماً جيداً من الهفوات والمواقف الصعبة بثقة في -الله سبحانه وتعالى- ومدد منه.

فهياً بنا معاً يا أخواتي وإخواني، يساند بعضنا البعض، نستثمر نهاره بالذكر وتلاوة القرآن، وجمع أهل الدار والصلاة بهم جماعة حتى يتعلم الصغار من أفعال الكبار، والسعي في أوجه الخير، وفي العديد من الاشياء الجميلة والتخطيط القيم، وصيامه إيماناً واحتسابا، وإشعاع ليليه بكثرة التقرب -لله عز وجل- وإقامة صلاتي التراويح والقيام، وكثرة السجود والتضرع له سبحانه وتعالى، ونكون عبيداً شاكرين، به مستجيرين، وبحبيبه مُشَفَّعِين، وعلى هديه سائرين، وفي عفوه وكرمه طامعين.

تذكرت بعض العبارات القديمة التي كنا نرددها في طفولتنا ليلة بزوغ هلاله علينا:

   هل هلالك يا رمضان    #      يا شهر المحبة والغفران

هَلِّ هلالك يا رمضان        #      يا شهر السعادة والإحسان

هَلِّ هلالك يا رمضان        #      يا أبو الشربة والقدحان

هَلِّ هلالك يا رمضان        #      يا مصلح النفس والإنسان

أهلاً وسهلاً ومرحباً بك يا أعز ضيف، وأفضل شهر، وكل رمضان والجميع في خير وصحة وعافية، وصلاح حال، وراحة بال، واطمئنان نفس، وصدقِ يقينٍ في العزيز العليم.

نسأله تعالى أن يوفقنا لإصلاح كل ما اعوج من أمورنا، وأن يبارك لنا في ما يعطينا، وألا يكلنا لسواه، وأن يبارك لنا وعليا وفينا، ويرزقنا الذرية الصالحة. 

والحمد والشكر -لله- حتى يرضا، والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه إلى يوم اللقاء على الحوض.

همسة “رسالة إبداع” 2

إخواني وأخواتي الأعزاء                               يحفظكم الله

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته 

أنتهز فرصة قرب بزوغ هلال شهر الرحمة والقران، لأقدم لكم أخلص التهاني وأطيب الأماني، سائلاً المولى أن يعيننا على صيامه وقيامه، وأن يتقبله منا بعفوه وكرمه، وأن يعيده علينا وعلى جميع المسلمين بخير وعافية وسلام وأمن وأمان.  

إلحاقاً لرسالتي الأولى قبل أيام، بخصوص فكرتي الجديدة عن إهداء أو تبادل الكتب الفائضة عن حاجتك لينتفع بها الآخرون.

أضيف أنه في حالة عدم توفر كتب فائضة لديك، فيمكنك أن تُهدي بعضاً من مؤلفاتك أيضاً لو كنت كاتباً أو مؤلفاً، مساهمة منك في تعزيز الفكرة ونشر العلم والثقافة، فالعلم بحور عميقة لا يمكن لأحد من البشر أن يستوعبها مهما كان عالماً أو مثقفاً أو متعلما، قال تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا*} الآية (85) سورة الإسراء.

بإمكانك إرسال مندوب لاستلام الكتاب الذي تختاره من القائمة -ما لم يكن قد نفدت الكمية الموجودة.

أكرر جزيل شكري، ولا تنسونا من دعواتكم، وخاصة في السحر وفي المناسبات.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين إلى يوم الدين 

أخوكم المستشار إبراهيم حسين جَسْتَنِّيَه

18-  تراث مكة المكرمة في القرن (14هـ) عبد الله محمد أكبر. ط2، 1430هـ، 2009م (1-2)*.

 19- الآثار المكية من خلال مدونات الرحالة والمغاربة والأندلسيين. القرن (6-10) دراسة تاريخية وصفية. د. إبراهيم عطية السلمي.

20-  السدانة (الحجابة) للكعبة المعظمة قبل الإسلام. دراسة تاريخية حضارية.

       د. أحمد محمود صابون، د. رشاد محمود بغدادي.

21-  النقود المتداولة في مكة في العصر العثماني حتى نهاية القرن (12هـ، 18م).

       د. أحمد محمد يوسف.

22-  الظواهر الطبيعية والآثار العمرانية في مكة*. د. سامح إبراهيم عبد العزيز.  

23-  الإثنينية مرور (25) عاماً. 1403-1428هـ، (1-10)

24-  الإثنينية 1429هـ، 2008م، (1-2)

25-  الإثنينية 1432هـ، 2011م، (1-2)

26-  مشواري على البلاط، عبد الله عبد الرحمن الجفري، ج 8.

27-  الأعمال الكاملة للأديب عبد الله عبد الرحمن الجفري ج 7.

28-  المنتديات والأندية الأدبية في المملكة. عبد المقصود محمد سعيد خوجة

29-  الغربال، تفاصيل عن حياة الأديب محمد سعيد عبد المقصود خوجة. حسين عالق الغريبي، ج 2.

همسة “رسالة إبداع”

إخواني وأخواتي الأعزاء                                    يحفظكم الله

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته 

منذ الطفولة ونحن نهوى جمع أنواع الطوابع الدولية والمحلية والصور الشخصية والتذكارية، وكنا نتبادل الفائض منها بمحبه ووفاء، وطرق تقليدية.

توقفنا عن تلك الهوايات الجميلة والمفيدة مع مشاغل الحياة الطويلة والتي لا تنتهي.

اليوم وبمناسبة قرب انتهاء شهر شعبان الفضيل، وبعد تجارب عديدة، وخبرات متنوعة طويلة، ونِعَمْ لا تحصى ولا تعد من الكريم.

أَوَدُّ أن ابتدع لكم فكرة جديدة لم يسبق لأحد أن فعلها أو طرحها. فكرة طازجة، وهي عملية إهداء وتبادل الكتب الفائضة عن حاجتك لينتفع بها الآخرون[1] وتكون صدقة جارية لك إلى يوم القيامة.

لقد سبق أن كتبت عن موضوع الكتب والمكتبات عدتْ مقالات وقدمت بعض المقترحات، لا يزال بعضها في موقعي الإلكتروني، منها (لعشاق مكة المكرمة، طلب إنقاذ، سرور وسعادة) وغيرها، وطرحت فيها العديد من المقترحات.

كخطوه أوليه يمكن إعداد قائمة بأسماء الكتب الفائضة ومؤلفيها وتعميمها على الأصدقاء، أتمنى أن ينتفعوا منها بدلاً من هجرها أو تركها للفئران والآرضة.  

جزيل شكري وأطيب تحياتي وتمنياتي لكم، ولا تنسونا من دعواتكم، وخاصة في السحر وفي المناسبات.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين إلى يوم الدين 

أخوكم المستشار إبراهيم حسين جستنيه


[1] سواء أكنت مكررة، أو لم تعد تحتاجها، أو مكتبة لم يعد لها مكان في قلبك. يمكن أن تسقر في قلبٍ حنون، وقارئ بارع.

همسة “رسالة إبداع”

قائمة بأسماء الكتب الفائضة ومؤلفيها

القابلة للإهداء أو التبادل لحين نفاد الكمية

01-  جامع المصطلحات (القضاء العام والخاص، الفني والهندسي، الاقتصادي)

       المهندس الاستشاري/إبراهيم حسين جستنيه

02-  الوسائل البديلة لحل الخلافات قبل القضاء. الاستشاري/إبراهيم حسين جستنيه.

03-  التحكيم والخبرة الهندسية والفنية. المهندس الاستشاري/ إبراهيم حسين جستنيه

04-  تاريخ القضاء والقضاة في العهد السعودي (1344-1416هـ)* عبد الله محمد الزهراني. ط1، 1418هـ،

05-  الفواكه العدلية في المسائل المفيدة. الشيخ أحمد بن محمد التميمي الحنبلي (1-5).

06-  فهرست مخطوطات مكتبة الحرم المكي الشريف. (1-12)

07- الآجُرْ بمكة المكرمة. د. عدنان محمد الشريف، د. ياسر إسماعيل صالح.

08-  نيابة الأمير فيصل العامة في الحجاز. د. شيخة صالح شعيب

09-  غسيل الكعبة المشرفة في العهد السعودي. د. فهد عتيق المالكي

10-  المشاعر المقدسة عبر العصور. د. أميرة علي مداح ومجموعتها.

11-  قراءة في تاريخ أنظمة الحج والعمرة في صحيفة أم القرى. د. إيناس خلف الخالدي، د. محمد سعد الرحالة.

12-  المراسم والأوامر الملكية في رعاية مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في العهد السعودي. إبراهيم عطية الله السلمي.

13-  الإضاءة في الحرمين الشريفين منذ ظهور الإسلام حتى نهاية العصر المملوكي. د. صالح محمد الربعي.

14-  الموارد المالية لأمراء مكة المكرمة في العصر المملوكي. د. محمد هزاع الشهري.

15-  الطوافة منذ بداية القرن الثاني عشر الهجري إلى بداية العهد السعودي. د. عواطف محمد نواب.

16-  إفادة الأنام بذكر أخبار البلد الحرام مع تعليقه المسمى بإتمام الكلام. الشيخ عبد الله محمد الغازي المكي الحنفي. (1-7)*.

17-  التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم. الشيخ محمد طاهر الكردي المكي. بإشراف د. عبد الملك بن دهيش. ط3، 1435هـ، 2004م. (1-6)*

* نفدت الكمية.

18-  تراث مكة المكرمة في القرن (14هـ) عبد الله محمد أكبر. ط2، 1430هـ، 2009م (1-2)*.

 19- الآثار المكية من خلال مدونات الرحالة والمغاربة والأندلسيين. القرن (6-10) دراسة تاريخية وصفية. د. إبراهيم عطية السلمي.

20-  السدانة (الحجابة) للكعبة المعظمة قبل الإسلام. دراسة تاريخية حضارية.

       د. أحمد محمود صابون، د. رشاد محمود بغدادي.

21-  النقود المتداولة في مكة في العصر العثماني حتى نهاية القرن (12هـ، 18م).

       د. أحمد محمد يوسف.

22-  الظواهر الطبيعية والآثار العمرانية في مكة*. د. سامح إبراهيم عبد العزيز.  

همسة “تَذْكِير”

لله سبحانه وتعالى- في خلقه شؤون، فضل بعضهم على بعض، واختار بعضاً من بعضهم، وخص بعضهم بخصائص مميزة، توالى ذكر بعضها في الكتاب المبين، وبعضها في الأحاديث النبوية الشريفة.

       فضل بعض الأشهر، وبعض الليالي والأيام، وخصص بعضها بخصائص عجيبة.

       ساعات قليلة ويطل علينا شهر شعبان وهو ليس من الأشهر الحرم، إلا أن به العديد من الخصائص وردت في عدة أحاديث.

لا شك من أن أغلبنا يعرفها، لكن التذكير بها نفع مشترك، ومنافع شاملة، وعبادة خالصة، وطاعة مسلمة.

في هذه الوريقة، أحب أن ألخص بعضاً منها في نقاط، ويستحب فعلها لكسب المزيد من الأجر والثواب، فمنها:

01-  تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين.

02-  يغفل الكثير من الناس عن كثرة الطاعة والدعاء خلاله.

03-  يستحب صيام أكثر أيامه.

04-  يستحب إخراج الزكاة خلاله، أو التصدق تقرباً لله- ومساعدة المحتاجين والفقراء.

05- يفضل كثرة الدعاء في ليلة النصف من شعبان، وصيام يومها، وقيام ليلها.

06- يتجلى فيها سبحانه وتعالى على خلقه بعموم المغفرة، وشمول الرحمة، وإجابة دعاء السائلين، والتفريج عن المكروبين، ويعتق فيها جماعة من النار، ويكتب فيها الأرزاق والأعمال، ويكتب فيها على كل نفس ميتة تلك السنة.

07- شهد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة. قال تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ*}. الآية (144) سورة البقرة

وقد صلّى المسلمون متجهين إلى بيت المقدس سبعة عشر شهراً وثلاثة أيام، وكان قدومه المدينة المنورة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول وأمره الله عز وجل باستقبال الكعبة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان وهو المشهور بين العلماء.

08- الشهر الذى نزلت فيه آية الصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهى قوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما*} الآية (56) سورة الأحزاب

 09- كان صلّى الله عليه وسلّم يكثر صيامه، ويقول (أحب الصوم إلـي في شعبان) و (أحب أن يأتيني أجلى وأنا صائم).

10- عدم صيام يوم الشك، (آخر يوم من شعبان) هو اليوم الذي يُشَكُّ فيه هل هو من شعبان! أم من رمضان!!

اللهم كما بلغتنا رجب الحرام، فأكرمنا ببلوغ شعبان ورمضان، وزدنا يقيناً بك، ومحبة لحبيبك صلى الله عليه وسلم، والجميع في خير وأمان.

فضلاً يا إخواني وأخواتي، أكثروا من الحمد والثناء للواحد الأحد، ولا تنسونا من الدعاء.

نسأل الله العلي العظيم أن يتقبل من الجميع.

وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خير وفضل كبير من الله تعالى.

همسة “الحنين للماضي والشوق للمستقبل”

تمضي بنا سنوات العمر ننتقل فيها من مراحل الطفولة لعدة محطات من الحياة المتنوعة، ومن فصول سنوات دراساتها المتدرجة حتى تقدمت بنا السنين، وبَلَغْنَا من العمر عتيا، ونحن في صحة وعافية وفضل كبير، ونعم لا تعد ولا تحصى -بفضل من الله سبحانه وتعالى- وقد ازددنا علماً، وحصدنا معرفة، واتسع فكرنا، واستوعب عقلنا العديد من الأحداث، وتنوعت الخبرات، وزادت الحنكة، وترسخت الحكمة.

كل يوم يمضي بنا نكون فيه أكثر فهماً ووعياً وإدراكا، وأوسع حنكة، وأدق حكمة.

اللهم علمنا ما ينفعنا في الدارين، وانفعنا بما علمتنا، ووفقنا لينتفع غيرنا مما تعلمنا.

مضت سنوات العمر تباعاً، ضعف خلالها القوي، واقترب البعيد، وتفرقت الجماعة، واشتعل الرأس شيبا، واكتست الذقن والشنب بياضا، وظهرت التجاعيد على جلد اليدين، واختل توازن القدمين، وضاقت الخطوة، ونحن في صراع مع مسيرة الحياة.

نبحث خلالها عن الأمان والصدق والوفاء، والابتسامة البريئة، والمحبة الصادقة التي كانت غالباً ما تغمر حياة أجدادنا وكان لنا منها نصيب، رغم ضعف إمكانياتهم، وقسوتها عليهم، وصعوبة معاملتها معهم، وأخذت تتلاشى من حياتنا تدريجياً كلما تعمقنا في عالم العولمة بعد أن ظهرت حقيقتها.

       نهيم في الحياة، وحولنا أبناؤنا وأحفادنا يملؤون علينا الحياة بهجة وسعادة، نسير معاً مع تطوراتها في حذر وتحفظ وانضباط بقدر المستطاع.

نواكب المسيرة بتوازن وحكمة، يرافقنا أحياناً بعضُ الأشقاء وبعضٌ من أبناؤهم، وقليلٌ من الأهل والأحباب والأصدقاء.

تارة نبحث بين سنوات عقودها عن قلوب نقية كقلوب الأطفال البريئة، التي تكاد تكون معدومة منذ أن حل علينا عصر التفكك الأسرى والحرية الزائفة، والدعايات الكاذبة، والشعارات الهدامة.

وتارة نبحث عن المحبة المتبادلة، والترابط الاجتماعي، والتكافل المجتمعي، والمسؤولية المشتركة، والقيم الضائعة، والعادات المحذوفة، والأعراف المنسية، والتقاليد المهجورة، والمبادئ المتناقضة.

وتارة أخرى نتمنى لو يعودَ بنا الزمان كما كان في عصرنا على الأقل، حياة مليئة بالمحبة المتبادلة والابتسامة العريضة، وهي طبعا لا تخلو من المتناقضات النسبية والتناسبية -سنة الخالق عز وجل في كونه-

كلما نظرنا حولنا في عصرنا الحاضر، يداعبنا الحنين للماضي البعيد، والأمس القريب، يؤرقنا الشوق الدفين بحثاً عما كان فيه من أيام جميلة قد انقضت ولن تعود، وسنوات طويلة قد انطوت وطوت معها أحداثاً كثيرة، وساعاتٍ عديدةٍ قد مضت.

كانت لا تغادرنا فيها الضحكات، ولا تنقطع خلالها الابتسامات، ولا تغيب عنها السعادة النسبية.

نشعر برغبة قوية وملحة، لو يعود بعضاً من تلك الأيام السعيدة دون قيود ولا مسؤوليات ولا هموم.

لكن، هيهات! هيهات!! فما يذهب من سنوات العمر بما حملته من أحداث متنوعة وحكايات مضحكة لن يعود.

إنما هي أمنيات الظمآن في الصحراء، المهرول نحو السراب.

كم يردد المريء منا بصوت مكتوم، وقلب مهموم ونفس ضائقة! وآهات طويلة! وشهيق عميق! وزفير شديد!!!! ليت تلك الأيام الخوالي، أو شيءٍ منها، يعود يوماً ما حاملاً بين طياته الكثير من تلك الذكريات الجميلة.

ما أجمل أيامها وما أحلى لياليها تلك! وما أكرم جيلها بعد -الله سبحانه وتعالى- عشنا لحظات فيها بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ بريئة، وكلمات عذبة، رغم ما كان فيها من قسوة وصعوبة.

ذاك لا يعني أننا لا نحب جانباً من الحياة المعاصرة وما فيها من تطورات تكنولوجية متنوعة وممتازة، بل نتطلع فيها لحياة معاصرة وفق المنهجية الصحيحة، ولا نزال نجاهد فيها لبناء مستقبل زاهر -بمشيئة الله وتوفيقه- قال تعالى {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ*} الآية (88) سورة هود.

نجاهد جهاداً يواكب المسيرة، ويحقق الأحلام، ويسعى للمزيد من الطموحات والرؤيا المستقبلية، ناظرين للأمل والطموح، دون يأس ولا خضوع، قال تعالى {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ*} الآية (87) سورة يوسف.

نسعى ونحن نتعم بنعم -الله سبحانه وتعالى- ونسجد شاكرين له على كل عطاياه وعظيم فضله، وعلى الحبيب نصلي حتى يوم الدين. قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ*} الآية (172) سورة البقرة.

نتحفظ على الجانب الآخر منها، لقوله تعالى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ*} الآية (10) سورة الشورى، وعلى ما قد يكون في أغلب الأحيان مختلف المنهج، متغير القيم، متباعد العادات، منعدم التقاليد، فاقد الأعراف، متذبذب المبادئ، متلون الأحوال وفق الحال، ونسأله أن يتداركنا بلطفه وإحسانه.

قلما كان يحدث ذلك في ذلك الماضي الذي كنا في ساعات قلائل منه!! حتى القريب منه!! بالرغم من نعته بالعصر الرجعي، ونعت معاصريه بالبسطاء، وهم كذلك في حياتهم وتعاملاتهم، وعلماء نسبة لزمانهم، ونعتهم بالجهلة، وهم بريؤون من الجهالة، والتاريخ حافل بتضحياتهم، والواقع برهان على منجزاتهم.

كلمات وعبارات كثيرات دفينة في أعماق قلبي من ذلك الماضي الممزوج بشيء من الحاضر، المتطلع للمستقبل، تفيض شوقاً، وتكتسي محبة، وتمتلئ بالأمل، وتشتعل بالطموح بين الحين والآخر، استشفها من قوله تعالى {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى*} الآية (13) سورة الكهف.

أحاول تدونها كل ما فاضت من أعماقي، في “همسة، أو همسات” متتالية، ينطلق بها ذاك القلم التاريخي العريق سريعاً عوضاً عن لساني، ليناجي بها إحدى القصاصات القريبة، أو صفحة اللاب توب الحديثة، بشيءٍ من ما استتر عن الأسماع وغاب عن الأبصار، وحُجِبَ عن القراءة، يُرْصِدُها بلهفة وشوق، بألم الأعضاء، ووجع الجسد، ودم القلب، وجُرْحِ الفؤاد، أخفف بها عن نفسي شيئاً من عبئها الثقيل، وأضيفها لبعضٍ مما أرصده في أحد مطبوعات المجموعة، أو في همسات مثل “حُقْبَاتْ التَّنْشِئَة” و “ثلاثية الشخصية” و “متلازمة الزمن الجميل وجيل الطيبين” و “ذاك هو الإنسان” وغيرها من التي سبق أن نُشِرَت في الموقع، أو قد تنشر لاحقاً، أو أضيفها لما بالأرشيف من رقعات متنوعة الموضوعات، مختلفة التخصصات، انتظاراً لما قدر تسمح الظروف بطباعته، أو نشره على الموقع يوماً ما، إن كان في العمر بقية.

أُذَكِّرُ بها جيلي ومن عاصرنا، وأَتَذَكَّرَ بها أسلافنا ورفاقنا وأحبابنا وزملاءنا -يرحم الله من غادرنا منهم- ويبارك لنا في من بقي منهم.

أدعو لهم جميعاً من أعماق قلبي، وأشكرهم فرداً فردا على صحبتهم ومصاحبتهم، أو زمالتهم.

واستوحي من قوله تعالى {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِين*} الآية (120) سورة هود، فأتركها همسات على صفحات التاريخ، وذكريات وحكايات وعِبَرٌ للأجيال القادمة، تُذَكِّرهم بأمجاد أسلافهم، وتستنفر فيهم النخوة، فيترحمون عليهم ولا ينسوهم من الدعاء، فيشملهم معنى الحديث الشريف [إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ (إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له][1].

استنير بقوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ*} الآية (12) سورة لقمان.

فأتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان للملك الديان على كل نعمه التي لا تحصى ولا تُعَدُّ، والحمد لله على كل حال حتى يرضى الله- ونسأله سبحانه وتعالى لنا ولهم ولجميع المسلمين الصحة والعافية، والعفو والرضا، ومصاحبة حبيبه عليه أفضل الصلاة والسلام للتمتع بالنظر لوجهه الكريم -سبحانه وتعالى-


[1] رواه أبو هريرة في صحيح مسلم.

همسة “العقاب بلا ذنب”[1]

اطلعت على مقال تحت عنوان (أبناؤنا يعاقبون بلا ذنب ولا خطيئة) للدكتور صديق صالح فارسي، نُشِر في أحد الجروبات الثقافية، يتحدث فيه عن ارتفاع نسبة الطلاق وجانباً من أبعاده.

المرأة هي القلب النابض للأسرة، والحياة السعيدة لها، وهي المستقبل الزاهر، وهي القادرة على المحافظة على استمرارية بقاء البيت صامداً في وجه كل الظروف والتحديات مهما كانت، لتكوين أسرة صالحة من عدمه، حتى وإن كان الرجل سيئاً، أو عاصياً، أو فقيراً، والعكس صحيح، ولنا في ذلك المثل الأعلى في قوله تعالى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)} الآيات (10-11) سورة التحريم.

وفي توجيه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، مثل آخر،جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يَا رَسُول اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ»}[2]

       لنا في كتاب الله عز وجل الشهادتين والتشريع العام، والمحافظة على تلاوته وحفظ شيء منه على الأقل، ولنا في حبيبه عليه أفضل الصلاة والسلام القدوة الحسنة والتوضيح والبيان، ولنا من الواقع الاسترشاد والتبيان، علنا نعتبر منها، قصة السيدة خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت الفقير المعدم، والتي وردت قصتها في سورة المجادلة، وكيف كان حرصها الشديد على عدم خراب البيت بعد ما ظاهرها[3] زوجها.

النصيحة إحدى عناصر الأمانة، قال تعالى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا*} الآية (72) سورة الأحزاب. وإحدى عناصر الدين [الدِّينُ النَّصيحةُ، قالوا: لِمَن يا رسولَ اللهِ؟ قال: لكتابِ اللهِ، ولنبيِّه، ولأئمَّةِ المُسلِمينَ][4].

ولنا في الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام المثل الأعلى، وهم في حفظ الله تعالى.

النصيحة منذ القدم، عبءٌ ثقيلٌ على قائلها، إن ذكرها الإنسان في غير موضعها، فغالباً ما تكون وبالاً عليه، وإن اختزنها بين جوارحه تلافياً لعواقبها تظل تؤلمه بقية حياته.

أتذكر أنني كتبت عن موضوع المرأة والشباب وبعضاً من جوانبهما أكثر من مقالة، ودونت استبانة عدة مرات، ومن المؤسف جداً، لم أجد استجابة[5]، ولم ألمس أي تطور أو تقدم، بل غالباً ما كان يحدث العكس تماماً.

كذلك، أتذكر أنني اطلعت على العديد من النداءات والمقالات، والاحصائيات الرسمية حول مشكلة الطلاق وتوابعها، دون أن تكون هناك حلول فعلية مطروحة وقابلة للتطبيق.

يعتبر هدم الأسرة بشكل عام، والأسرة المسلمة بشكل خاص أكبر هجوم وأقوى سلاح لمحاربة الصواب، وإبعاد الناس عن الأخلاق الإسلامية، وإلغاء العادات الحسنة، ومحو التقاليد المحبذة، ونبذ القيم النبيلة.

من المؤلم جدا أن الفئة التي خططت بدقة متناهية لهدم الأسرة، وتنادي بالتحرر من الضوابط الشرعية والاجتماعية والمجتمعية، وتحث على إلغاء العادات الحسنة، والتقاليد القديمة الجميلة، والقيم النبيلة، وتُحَرِّضُ على الحرية المُفْرِطَة بلا ضوابط ولا قيود، قد تمكنت من التوغل في عقول الكثير من الناس على كافة المستويات والمجتمعات.

خَطَّطَت تلك الفئة لذلك بدقة فائقة، وأهداف هدَّامة، وشعارات زائفة، ودعاية كاذبة، ونفذت مخططتها باحترافية ممتازة، وعناية فائقة، وقد نجحت للأسف الشديد بامتياز.

خرج البعض منا عن حدود التعاليم الإسلامية والتوجيهات النبوية، وتجاوز البعض منا القواعد الأساسية، والضوابط المنطقية، وانضم البعض لصف المضللين، جاهلين أو منقادين، فكان ما كان من الشتات والضياع وهدم البيوت، وضياع الأبناء وظلمهم وعقابهم على ما ليس لهم فيه يدُ ولا قول ولا فعل.

أغلب الأبوين في هذا الزمن، وتحت تلك الشعارات الهدامة، لم يعودا قادرين على مواجهة الهجمات الخارجية، والدعايات الزائفة المتسللة عبر العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي الذي تبثه كثيرٌ من تلك الجهات المغرضة.

هما عاجزين تماماً عن السيطرة أو التحكم فيما تبثه تلك الجهات من معلومات سيئة وأفكار هدَّامة، وخاصة بعد ما أصبح الهاتف الجوال الرفيق حتى في المنام، وألعوبة الأطفال، وتسلية الصغار والكبار على كافة الأعمار من الذكور والإناث.

انعدمت العلاقات التوافقية أو الترابطية الوثيقة التي كانت بين كثير من أفراد الأسرة وبعضها، وبين الأسرة والمجتمع بسبب انتشار هذه العناصر الهدَّامة وأمثالها مما جعل الكثير من الآباء والأمهات في مواقف حرجه وصعبة للغاية، حتى وإن كانا من ذوي العقل الراسخ والحكمة البليغة، أو القدوة الحسنة التي تعتبر من أهم العناصر لحياة الأسرة وترابطها.

قلما أصبح يتواجد في المجتمع المعاصر كبير للعائلة، أو رئيس للمجموعة الذي يستطيع إدارة الدفة بحكمه وعقلانية وطاعة من قبل أفراد تلك العائلة أو الأسرة، أو القبيلة، وهي إحدى تلك القيم النبيلة والعادات الحسنة، والتقاليد المحبذة والمفيدة جداً، والتي كانت تسود غالبية المجتمعات العربية والإسلامية بشكل طبيعي، وكما يقال عند العامة (سفينه بلا ربان تغرق، وإلِّ مال كبير يستلف أو يشتر كبير).

وهذا فعلا ما يحدث في المجتمع المعاصر بعد أن تلاشت مكانه القائد أو انعدمت صلاحياته وأصبح كل فرد من الأسرة أو العائلة حُرّ التصرف مهما كانت العواقب.

لقد طغت على الكثير من أفراد المجتمع الحاضر عناصر [(الـ أنا ومن بعدي الطوفان)، (الحرية المطلقة، أنا حر أفعل ما أشاء دون حساب ولا عقاب]، بعد أن تم اشباعها بمعلومات مسمومة بلا رقيب ولا حسيب، عبر الوسائل المتعددة الحديثة مع انعدام القدرة على السيطرة على محتواها.

أصبح الغالبية من الناس في هذا الزمان يظن أنه هو على صواب مهما قال أو فعل، وأن من خالفه، أو يخالفه على خطأ أياً كان، ويرفض الحوار البناء، وهذه إحدى المٌعْضلات الكبيرة التي تواجه المجتمع بشكل عام.

قد تكون هذه أهم الأسباب وأغلب المسببات في تحليل نتائج انحلال المجتمع بشكل عام، وفي تفكك العلاقات الأسرية، وتدني في المستوى الأخلاقي، وانحراف في المستوى العقلاني، والميول أكثر إلى الأفكار الأجنبية، والدعايات الزائفة، والآراء الهدامة للبيئة الوطنية والمجتمعية دون أن يدرك ذلك الكثير منا.

الزمن لا يتوقف منتظراٍ أياً منا، والمأساة تزداد توسعاً، وتتغلغل اتساعاً، وصكوك الطلاق ترتفع نسبتها، وعدد الأرامل يتصاعد بشكل مخيف، ونحن مكتوفي الأيدي، دون الوصول لحلول واقعية ومنطقية.

أعداد الأطفال الأبرياء المشتتين أو المتشردين يتزايد، ينحرفون بلا رحمة ولا ذنب يقترفونه، سوى جهل أو سوء تصرف، أو التغلغل في عقول الأبوين أو الأبناء عبر وسائل التواصل الحديثة، وبث السموم فيها بأشكال مختلفة، وجرعاتٍ متنوعة.

الاعتراف بالخطأ فضيلة، والإقرار بالهزيمة أو الفشل شجاعة وقوة عظيمة تدفعنا لنتحسس الجروح فنداويها ونعالجها بروية وحكمة، ونتلمس الأخطاء ونصححها، ونتدارك السلبيات ونتلافاها.

الاعتراف بالحقيقة المرة التي أصبحنا نتجرعها رغماً عنا، والتعمق في دراستها وتحليل أسبابها، والجد والاجتهاد للوصول لكيفية معالجتها بأساليب واقعية مثل الترغيب والحوار البناء والحكمة، وليس بالترهيب والقسوة، تساعدنا كثيراً على العودة للصواب، إن فهمنا حقيقة ما يُحاك لنا، وإن جاهدنا بقوة -الله سبحانه وتعالى- وصبرنا وأيقنا بأن -الله سبحانه وتعالى- لن يتخلى عنا. 

قد تكون هناك فكرة، أو وجهة نظر، أو حل للتصدي لتلك الهجمات الدنيئة، وحجب تغلغلها في المجتمع وبين الأفراد، لو يحرص كلُ منا على أن يكون القدوة الحسنة عن قناعة تامة، وأن يسعى لتصحيح المفاهيم عن العادات الحسنة، والتقاليد المحبذة، والقيم النبيلة داخل إطار المنهج الشرعي.

ويمكن أيضاً مساندتها ببرامج التعليم المبدئي، وتعديل بعض المناهج التعليمية في المدارس، وإعادة دور كبير العائلة، وتنمية دور الأخ والخال والقريب، وإعادة مكانة المدرس أو الأستاذ، ومحاولة تطوير دوره التربوي والتعليمي الحقيقي، ودور الجار والصديق تمهيدا لصحوة جديدة والعودة إلى الطريق الصحيح.

كم أتمنى أن تتحد الجهود، وتتكاتف العقول النيرة، وتتعاطف القلوب الطيبة، وتبرز الحكمة، ويتعاون الأفراد والجهات الخاصة والعامة ذات العلاقة لإنقاذ الوطن والمجتمع بشكل عام، والمحافظة على بقاء البيوت من الانهيار، وإنقاذ المرأة من الهاوية التي انزلقت إليها تحت شعارات زائفة، وانتشال هؤلاء الأطفال الأبرياء من هذه الحياة المرة التي أصبحوا يعيشونها رغماً عنهم، وإخراجهم من مستنقع الوحل الذي يطمرهم نتيجة لارتفاع نسبة الطلاق، أو الخلع دون خطيئة ارتكبوها، ولا ذنب اقترفوه، انتشالهم من حاضرهم التعيس، ومستقبلهم المظلم الذي ينتظرهم دون أن يكون لهم دور فيه.

[1] إسطنبول- تركيا.

[2] رواه أبو هريرة رضي الله عنه وأخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحُسن الصحبة، برقم (5514)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين، برقم (4621). اختلفت الروايات والمعنى واحد، والتفسير أيضاً مختلف في الشكل، لكن الهدف واحد. يمكن مراجعة التفاصيل ومعرفة الأسباب لمن يرغب.

[3] الظهار هو التحريم الأبدي في الجاهلية، سمع الله عز وجل شكواها وتحاورها مع رسوله الكريم، فنزل التحليل في سورة المجادلة.

[4] الراوي سيدنا عبد الله بن العباس، وأخرجه أخمد بن حنبل.

[5] لعدم الإطالة، يمكن الرجوع لها في موقعي الإلكتروني في بند (الهمسات)



همسة كلمة (لا)

مكة المكرمة

(لا) كلمة بسيطة جداً في الكتابة، وسهلة في النطق، وكثيرة التداول أو الاستخدام على كافة المستويات الاجتماعية والمجتمعية، لكنها صعبة جداً وخطيرة للغاية.

فبالرغم من صغر حجمها، وسهوله نطقها، وكثرة استخدامها من الصغير والكبير، والغني والفقير، والذكر والأنثى، إلا أنها سلاح ذو حدين.

الإجابة بها أو وضعها بين الكلمات أو الجمل والعبارات لها مفعول كبير، وفاعليه عظيمة، وأدوار مختلفة، وردود فعل متفاوتة وفق عوامل معينة.

إن وضعت في موضعها، أو نطق بها في زمانها ومكانها، كان لها ثمن عظيم، وجمال رائع، وسحر باهر، وذكرى حسنة.

وإن لم يكن كذلك تصبح طامة كبرى على قائلها، أو كاتبها، وقد تضعه في مستقبل مجهول.  

العاقل من يتحرى الدقة قبل استخدامها، أو الإجابة بها، ويفهم كيفية التعامل مع هذه الكلمة الخطيرة (لا).

والحكيم من يدرك مستوى التعامل معها. هذه الكلمة العظيمة التأثير (لا) حتى لا تؤثر عليه، أو تضعه في موقف قد لا يحسد عليه.

همسة “العام الجديد 1446هـ”

تجري بنا الساعات تباعاً، وتجري معها الأحداث تباعاً، وتتوالى فيها بنا السنوات، وتنقضي معها أيامٌ من حياتنا، ونحن بفضل من الله سبحانه وتعالى في أتم الصحة والعافية، والأمن والأمان والسلامة من كل شر وشيطان رجيم.

نساله سبحانه وتعالى أن يديمها علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين، وأن يعيدها علينا وعلى الجميع في خير وعافية وشكر دايم، وسلم وسلام.

كل عام وأنتم في صحة وعافية وخير. والحمد لله، والصلاة والسلام على حبيبه وآله وصحبه حتى يرضى.

همسة “عن الطاقة المستدامة”

أشكر الكاتب الأخ المهندس حسين باصي على ما رود في مقالته تحت عنوان (الاستدامة للحجاج) والمنشور بصحيفه مكة، يوم الاثنين 5/12/1445هـ، 10/6/2024م، بخصوص استخدام الطاقة الهجينة (تعدد المصادر) مثلاً الطاقة الشمسية وطاقه الرياح في مشعر منى، لتخفيف الاعتماد على الطاقة الأحفورية.  

أؤيد فكرة استخدام الطاقة الشمسية الضوئية بشكل عام بوحدات مستقلة ثابتة مركزية أو غير مركزية، وأخرى متحركة لاستخدامها في كل ما يمكن تشغيله بالتيار المستمر (DC) كالإضاءة والأجهزة ذات التيار المنخفض، والهاتف وغيرها، سواء في المشاعر المقدسة أو على المستوى العام.

عملية تحويل الطاقة الشمسية المخزنة (DC) لتيار متردد (AC) مرحلة طويلة يتعذر توفير متطلباتها في منطقة كالمشاعر المقدسة، يمكن تنفيذها في مواقع أخرى قريبة من محطات الربط المتوسط (8-13 ك. ف. أ.) أو العالي (110-360 ك. ف. أ.) وفقاً للعوامل الرئيسية والبيئية

منطقة المشاعر منطقة محصورة بين الجبال (أودية) مكتظة بالبشر وحركة السيارات وقطار المشاعر وغيرها من الخدمات الأساسية للحج والتيسير على الحجاج.

 استخدام طاقة الرياح تحتاج لمساحات شاسعة ومفتوحة وشبه خالية من الحركة. وهذا غير متوفر في منطقة المشاعر.    

       كذلك يمكن توليد الطاقة الشمسية الحرارية في المواقع المناسبة لها إذا توفرت عناصرها وإضافتها للشبكة العمومية (الفولت المتوسط أو العالي) لتقليص الاعتماد على الطاقة الأحفورية.   

       وبشكل عام، فإنه من الممكن الاعتماد على أي مصدر من مصادر الطاقة النظيفة أو المستدامة، والتي تشمل [الطاقة البديلة والطاقة الجديدة والطاقة المتجددة][1].

لقد خطت المملكة خطوات جيدة في الاستفادة من ما يتوفر من أنواعها بكل منطقة من أطراف المملكة الشاسعة وربطها بالشبكة العمومية للمنطقة، وشبكة الربط الكهربائي للمملكة، كأحد المشاريع الأساسية لقاعدة البنية التحتية للمملكة.

إن أي مشروع في هذا المجال مرتبط بوزارة الطاقة، هو استثمار وطني هام جداً لا يرتبط بالحجاج ولا بظروف الحج، بل هو مشروع وطني بحت، وأنموذج من مراحل البنية التحتية ومسيرة التطورات المتلاحقة في المملكة، ومراحل التنمية المستدامة ومنهجية رؤيا 2050م. منها مثلاً:

1-   تصريح وزير المياه والكهرباء [لدينا مشروع لتغيير إنارة الطرق العامة ووقف الهدر][2]

2-    خطت المملكة خطوات ثابته وجيدة تسابق الزمن لتعوض ما فاتها منه لتحقق المزيد في مسيرة التنمية المستدامة وصولاً للرؤيا 2030م.

3-    المتتبع لمراحل التطورات المتنوعة التي حدثت خلال العشر سنوات الأخيرة، يستطيع أن يرى ويتلمس الفارق الشاسع في سرعة عجلة التطورات المختلفة في شتى المجالات والتخصصات.

4-    مواقع وزارة الطاقة والجهات الأخرى المعنية بها، وبحسب ما يرد في بعض التقارير، وعلى المنصة الوطنية الموحدة[3]

5-    مشروع الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية[4]

6-    مشروع استخدام طاقة الرياح بالجوف[5].

7-    ما تبينه التقارير الواقعية بالعديد من النتائج الإيجابية، مما ساهم في تعديل مراحل خطى الرؤياً 2030م.

8-    قد تمتد لترتبط شبكة الكهرباء العمومية بالمملكة بالشبكة الخليجية والعربية في الخطط القادمة.

كل تلك عوامل تُجْزِمُ على وجود خطط محكمة التنظيم، دقيقة التنفيذ تسير بخطوات حثيثة وقيادة رشيدة، وتوجيهات حكيمة، ومجتمع متحد القلوب، متكاتف الأيدي، على قدر كبير من العلم والمعرفة والإدراك والإبداع والابتكار نحو تحقيق الأهداف المنشودة للاستفادة من مفردات أنواع الطاقة المستدامة المتواجدة في المملكة على اختلاف مواقعها ودراساتها الاقتصادية، إلى جانب الطاقة النووية السلمية بمشيئة -الله تعالى- بالتوازي مع مراحل خطط التنمية والرؤيا (2030-2050م) مثل، مشروع الطاقة الشمسية الفردية والمشتركة وغيرها لتوفير الطاقة الكهربائية من مصادر متعددة (هجينة) وبأقل التكاليف الممكنة لتخفيف العبء المادي على المستهلكين، وخطوات نحو خفض استهلاك الطاقة الأحفورية، وتلافياً لسلبياتها، والتوقعات بنضها خلال بضع سنوات.

الحديث عن تنوع مصادر الطاقة الكهربائية في المملكة ذو شجون طويلة على مدى سنوات مديدة، أدت لنتائج إيجابية عديدة.

أما الحديث عن الدراسات والأبحاث التحليلية والمقالات عن مختلف المخاطر الكهربائية الجسيمة والتي لا تزال قائمة تحيط بالأرواح والممتلكات منذ سنوات بعيدة، والمتوقع تفاعلها السيء في أي لحظة، فتجد بعضاً منها على موقعي الإلكتروني[6].


[1] تختلف أنواع ومصادر كل منها بحسب الظروف البيئية والمواقع الجغرافية لكل مدينة أو منطقة عن الأخرى.

[2] المصدر، جريدة الرياض العدد (15139) في 21/3/1433هـ، 13/2/2012م. بدلاً عن “جولة دراسية سريعة في الطاقة المستدامة وملحقاتِها”

[3]  https://www.my.gov.sa/wps/portal/snp/aboutksa/powerandelectricity/!ut/p/z1/jZDLDoIwEEW_hi0zFUF0V1CDz9L4

[4] https://suncapture.com/?lang=ar&gad_source=1&gclid=CjwKCAjwm_SzBhAsEiwAXE2Cv1y1-

[5] https://www.vision2030.gov.sa/ar/explore-more/dumat-jandal/

[6] https://ibrahimhj.com  بند المدونة دراسات وأبحاث تحليلية، دراسة في الكهرباء المترددة، وهمسات.