إبراهيم بن حسين جستنيه

دراسة حلم الطاقة البديلة والمتجددة

قرأت خبر في صحيفة مكة بتاريخ 11 رمضان 1443هـ، 12مارس 2022م، تحت عنوان “حلم الطاقة المتجددة والواقع” للأستاذ فيصل الشمري.

الدراسات التحليلية والمعلومات الفنية والإحصائيات والتوصيات حول الطاقة البديلة والمتجددة أمور لا تهم القارئ في هذه العجالة، لذا، لن أدخل فيها.

لا شك أن الطاقة الأحفورية لها دور كبير وواسع في الحياة العالمية منذ ظهورها، لكن هذا لا يمنع من استمرار المحاولة في توفير المرادف على أقل تقدير، تحسباً لأي احتمالات، والمثل حاصل أمامنا في الأحداث الجارية، وقد أشرت لذلك في مقالي “همسة عبر الأثير” وما سبقه، وإن اختلفت المواضيع، إلا أن الهدف مشترك.

من المتعارف عليه، أن أي بحث جديد يحتاج لوقت طويل وجهود مضنية، وتجارب عديدة، ومصاريف باهظة متواصلة -وليست متقطعة، أو مسايرة للموجة- قبل أن يصبح مشروع اقتصادي مثمر، أو فاشل، أو غير مجدٍ اقتصادياً، ومثل هذا المشروع عادة، لا يؤخذ بالناحية الاقتصادية لأنه من المتطلبات الرئيسية للحياة.    

منهجية دراسة أي مشروع في العالم تختلف من دولة لأخرى، ومن باحث لآخر، لها قواعد أساسية ثابته، وقواعد متغيرة الزمان والمكان والدعم المعنوي والمادي.

توفير الوسائل الرئيسية لاستكمال إجراء الدراسات، وتحليل الأبحاث، وتنفيذ التجارب التطبيقية، وتدقيق النتائج ومقارنتها، والمختبرات المخصصة وأجهزتها المتنوعة ومتطلباتها المتعددة، عنصر رئيسي في تمكين الباحث من الوصول لنتائج مهما كانت إيجابياتها أو سلبياتها المتغيرة، وهو القادر على تقييم نتائج الدراسة -إذا كان على خبرة واسعة وعلم ومعلومات كافية– أو من هم أكثر منه خبرة وعلماً في عدة تخصصات بحسب مجال ونوع البحث ومنهجيته وظروفه.   

أدون هذه الخلاصة كأنموذج، تحصلت على شهادة دولية لدراسة علمية وعملية وتدريب تطبيقي لعدة أسابيع من منظمة اليونسكو عام 1409هـ، 1989م، في استخدام الطاقة الشمسية للتدفئة وتسخين المياه. لم أكتف بها، بل طورت معلوماتي وبذلت جهود مضنية لتطبيق فكرة ما تعلمته والاستفادة منه، وتحملت أعباء مالية عالية لأتعلم المزيد، حتى أتمكن من التحاور والمناقشة فيما أقدمه، وأكون جديراً بما تعلمته.

قدمت دراسة أولية لهيئة الجبيل لتبني مشروع إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية، استضافتني يومين، قدمت خلالها عدة محاضرات ومناقشات واجبت على الكثير من الأسئلة، وبعد عدة أسابيع من المتابعة تلقيت خطاب اعتذار بمعنى أن (فكرة المشروع ليست في خطتنا) تصور هذا الاعتذار وردة الفعل عليه!!

كررت المحاولة مع أمانة جدة، وتم عقد الاجتماعات في المبنى الحالي لها مع الوكيل وممثل الشركة القائمة بإنارة وصيانة وتشغيل شوارع جدة آنذاك. من المؤلم جداً، والمؤسف حقاً أنها أخذت الفكرة، وقامت الشركة بتطبيق جزءٍ منها دون الرجوع إلي، وكأن شيئاً لم يكن، ولا أعلم، إن كانا واصلا! أم توقفا!!

بإمكانك أن تتخيل، لو أنني كمواطن قد أكون الأول في هذا المجال وفي ذلك الزمان- لو وجدت الرعاية الكافية، والدعم المعنوي والمادي، والمختبرات اللازمة لاستكمال هذا البحث وما يلازمه، وفُتِحَ المجال لأمثالي، أين كان يمكن أن يكون موقعنا اليوم في هذا المجال! وما هي العوائد التي كان يمكنها أن تتحقق!! لو كان هناك دعم حقيقي! وما هي الإيجابيات التي كان بالإمكان تواجدها! وأسئلة كثيرة أتركها لك! قد تجد لها الإجابة الصادقة.   

عاصرت الراديو الممنوع استخدامه بدون تصريح، ويعمل في البيت على بطارية السيارة، والهاتف أبو هندل عن طريق السنترال، وغيرها كثير، واليوم كيف نعيش!! 

كل التطورات العلمية والتقنية التي يعيشها هذا الجيل كانت أحلام وخيالات أسلافنا وبعض من جيلي، لكنها اليوم أصبحت واقعاً ملموساً نتنعم بثمراتها، كذلك سيكون الحال بالنسبة للجيل المعاصر، أحلامه وتخيلاته هي المستقبل -إن اجتهد وأخلص ولم ييأس- ممكن البعض منا يدرك شيئاً منها، والباقي لمستقبل الأجيال القادمة، وهكذا تدور عجلة الحياة جيلاً تلو الآخر.

أنا لست ضد الطاقة الأحفورية، ولكنني مواطن مؤمن بمبادئ وقواعد البحث العلمي وحسن الدراسة، قد أختلف في طريقة المنهجية العامة، وأسلوب برمجة الدراسة، وهذا أمر طبيعي وشيء صحى، لكنني واسع الطموح، وبعيد الخيال، مدرك للتخيل، متحسباً للتقلبات الزمانية.

حسن استخدام النظام اللا مركزي في توزيع الطاقة على المستهلكين يخفف العبء والمسؤولية عن شركة الكهرباء، ويتلافى تلف الأجهزة والمواد الموجودة في الثلاجات، وتَوَقُّفْ خطوط الإنتاج الصناعي، وغيرها من عجلة دوران الحياة عن طريق الطاقة المركزية عند انقطاع الكهرباء المفاجئ وعودته المفاجئة وما تسببه من تلف الأجهزة وخطورة الارتفاع المفاجئ لسحب التيار على العدادات والشبكات والأجهزة والآلات وغيرها، دون حسيب ولا رقيب.

لم تنجح محاولاتي العديدة يا أخي العزيز في مشروع الطاقة الشمسية، وعلى غيرها قِسْ وهي عديدة. كل الأفكار والدراسات الأولية للمشاريع التي أطرحها منذ عام 1398هـ، 1978م، نُعِتَتْ بالمشاريع الوهمية أو السرابية، ولم تجد بعد القوة الداعمة، ولا الكلمة المطمئنة، ولا الآذان الصاغية. قد يكون عيباً مني في الإعداد، أو خطأ في طريقة العرض، أو أشياء أخرى لا أعرفها. قد تجد ملخصات وشيء من المستندات التوثيقية لها بين كتاباتي في مطبوعاتي، تلافياً للإطالة.

وبالرغم ذلك، لا يزال لدي الأمل الكبير في تحقيق بعضها على الأقل عاجلاً أم آجلا، فهو حبل الحياة، والتفاؤل شيء جميل جداً ودافع قوي لعجلة الحضارة والتقدم، وعنصر أساسي لرفع المعنوية، والكلمة الطيبة صدقة وحافز مشجع على مواصلة الجد والاجتهاد، فمن جد وجد، ومن طلب العلا، سهر الليالي.  

إذا رغبت ومن تحب، يمكنك التنزه في الموقع وقطف ما يروق لك من زهراته.

فقد تجد فيها ما يريح نفسك، ويطمئن قلبك.

حرر في 19/09/1443هـ، 20/04/2022م

ردّين على “دراسة حلم الطاقة البديلة والمتجددة

  1. ما شاء الله تبارك الله سير الى قمم المعالي ويد الله فوق ايديك تؤيدك و تنصرك باذن الله تعالى

  2. مقال يادكتور ابراهيم يكشف فروقات كبيرة بين عقليات محبطة كنا نعيشها وعقليات بدأنا نرى حجم دعمها للشباب ولكل فكر منتج متجدد،من خلال متابعتي لبعض البرامج التلفزيونية التي تتحدث عن السيرة الذاتية لجيل من ابناءنا الشباب ذكورا واناثاً وعدد من الاختراعات والابتكارات التي شاركوا فيها ونالوا جوائز عالمية واصبح لهم ايضا مواقع وظيفية في هيئات ومنظمات علمية عالمية ايقنت اننا في عصر يدعو للتفاؤل ويقتل الاحباط ومن حقك يادكتور والسعادة تملأ قلبك ان تصرخ فرحاً”ياحظهم ويابختهم”

التعليقات مغلقة.