إبراهيم بن حسين جستنيه

همسة أمل (2)

تحدثت في مقال سابق بتاريخ 28/02/1443هـ، تحت نفس العنوان، عن الأمل في أن يكون ضمن المادة الثالثة من المواد التي يدرسها الوزراء والعلماء بمناسبة انعقاد الدورة ال (18) للمائدة الوزارية المستديرة لمنتدى العلوم والتكنولوجيا 2021 (STS Forum) عن بعد، والتي تم انعقادها في مدينة كيوتو اليابانية (5 أكتوبر 2021م)، إلى جانب مناسبة اليوم العالمي للمعلم، أن تشمل المادة [السماح لأي باحث من المواطنين بالحصول على المعلومات المطلوبة من جهات العلاقة ببحثه -وإجراء التجارب والفحوصات المخبرية اللازمة لبحثه، إذا تطلب البحث ذلك- وتدوين النتائج والتحليلات والاستنتاجات، ومساندته بكل الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة من نشر العلم والثقافة والتطوير والابتكار والإبداع].

        استكمالاً لذلك الموضوع، فإن على كل إنسان يستطيع أن يواصل تحصيل العلم، أن يكون تحصيله له حباً فيه، ورغبة شديدة في أن يحقق منه المنفعة العامة، لا طمعاً به ولا وسيلة محظورة. تعليم الإنسان خلال مراحل حياته، دون تحديد فترة زمنية، أو نوعية معينة، أو عمر أو مكان مخصص، يستثمر خلالها جميع وسائل التطورات في شتى المجالات والتخصصات وتنمية المجتمعات، وحسن الاستفادة من الكفاءات والخبرات والمهارات الوطنية والأجنبية، سواء ضمن الأنظمة التعليمية الرسمية أو خارجها، خاصة بعد أن أصبح التعليم المستمر المباشر والغير مباشر، أو من خلال الخبرات والممارسات ونقل التكنولوجيا، يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الحياة البشرية الطبيعية منذ الولادة وحتى الممات.

        من المؤلم جداً، أن دور مؤسسات التعليم بأنواعه وعلى اختلاف مراحلها في بلادنا، لا تطبق هذه المبادئ، ولا تشجع على انتهاجه، بل تصر على سنوات العمر المحدودة لتلقي العلم منها والعلوم معها، ثم التوقف عندها في انتظار الأجل المحتوم، مما يفقدنا الكثير من المعلومات القيمة والتجارب الجيدة والخبرات الواسعة. قد يكون ذلك لأسباب معقولة يمكن معالجتها إذا تمت مناقشتها بجدية، ووضعت قاعدة قوية لتبنيها، أو مجهولة يمكن تحليلها وتصحيحها، إذا تبنتها جهة الصلاحية، أو بسبب محدودية الأماكن في مؤسساتها، لإتاحة الفرصة لمن تنطبق عليه الشروط العمرية، وهذا خلل في المفاصل، وإجحاف كبير في حق العاشقين للعلم والمعرفة ومواصلة التعليم، وفي حق نشر العلم، إذ لكل فرد دور رئيسي وفعال في بناء المجتمع وتحقيق غاياته وأهدافه، ومواصلة التعلم خير معين على ذلك، وهو ما يأمرنا به الكتاب المبين في أول سورة نزلت على نبيه الأمين، عليه افضل الصلاة والتسليم.

        إن تبني صدور وتنفيذ قرار السماح بالتعليم المستمر لمحبيه وعاشقيه على اختلاف تخصصاتهم دون التقيد بسنوات العمر أو الزمان أو المكان في قطاع مخصص أو مرتبط بمؤسسات التعليم الموجودة، ودعم وتشجيع رُواده بكل الوسائل المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة منه، سيساهم بقدر كبير في تنمية الشغف المعرفي ومواصلة الاعتزاز بالقيم والعادات الحسنة والتقاليد المحبذة، وسيدعم عملية قبول التحدي من الجنسين ذكوراً وإناثاً للنجاح في مسيرة الحياة المستدامة، وسيكون له نصيب وافر في المزيد من عمليات الابتكار وفرص الإبداع وحالات التميز، وسيعزز مفهوم التنافسية التعليمية والمعلوماتية والتعريفية بينهم، وسيركب رواده قطار تحقيق متطلبات الحياة القيادية، وسيفتحون بوابة الريادة، ويمسكون بزمام القيادة العلمية والحضارية، وسيكون لهم شرف ربط الحاضر بماضي أسلافنا العريق، وفتح المجال أمام أجيالنا القادمة لتكمل ما يبدؤون به، مع حسن الاستفادة من الخبرات المتنوعة، والاسترشاد بالكفاءات المختلفة في شتى المجالات والتخصصات.

نشر بتاريخ اكتوبر 2021,20