إبراهيم بن حسين جستنيه

همسة “النادي الجامعي”

كتبت في مقالات سابقة عن بعض الأنشطة المدرسية الثقافية المختلفة، “همسة عن ثلاثية الشخصية” و “همسة عن بعض الأنشطة“. وبينت مدى الحاجة الماسة لها للطلاب والطالبات حتى نهاية المرحلة الثانوية.

موضوع اليوم عن “النادي الجامعي” لجميع الكليات وما يمكنه أن يقوم به من دور فاعل في مجالات شتى، خاصة إذا تحقق حلم الأنشطة في المراحل الدراسية السابقة، والتي أشرت إليها أعلاه.

كان في أيامنا عدد الجامعات في المملكة اثنتان (كلية الشريعة ومعهد المعلمين في مكة المكرمة وجامعة الملك سعود في الرياض) ورغم ذلك كانت تتبارز علمياً وثقافياً. كانت هناك مسارح وحفلات أسبوعية وسنوية، وشهادات تقدير وهدايا رمزية تشجيعية، ورحلات طلابية جامعية متنوعة الأهداف، وأندية ثقافية متعددة التخصصات، ورياضية متنوعة، ومنافسات بريئة على البطولة وغيرها.

 أخذ عدد الجامعات يزداد وتتوسع في التخصصات حتى أصبح لدينا أكثر من ثلاثين جامعة في المملكة محرومة -يا لطيف- من معظم الثقافات وما جد عليها من معلومات، والتي يفترض أن تكون هي منبعها، ولا يزال كثير من خريجيها غير ملائمين لمسيرة التنمية المستدامة، تمتلك كل منها مساحات شاسعة من الأراضي دون الاستفادة منها، رغم أن هناك العديد من وسائل الاستفادة منها مادياً ومعنوياً وثقافياً ومجتمعيا.

عدد طلاب كل جامعة قد يفوق المائة ألف طالب وطالبة (100,000) وعدد أعضاء هيئة التدريس والإداريين وبقية العاملين أيضا آلاف أخرى، ولذلك يطلق على مجمعها المدينة الجامعية، لكنها الخالية من مقومات الحياة الاجتماعية والثقافية لعدم توفر مقومات الثقافة الحقيقية والاكتفاء بالتعليم النمطي، أو التلقين، وما أن ينتهي العام الدراسي حتى يتبخر ما قد كان من معلومات.

معظم المحاضرات تسبقها أو تليها ساعات فراغ تضيع هدراً على الطلاب والطالبات، وتخسر فيها الجامعة الكثير، وما قد يوجد من بعض تلك الأنشطة في بعض الجامعات لا يحقق الأهداف المنشودة ولا يواكب عصر التطورات التكنولوجية الحديثة.

لو فكرت الجامعة في إنشاء “النادي الجامعي” داخل الحرم الجامعي بإحدى الطرق الحديثة للاستثمار والمزودة بكل المتطلبات، أو بأغلبها على الأقل لحصدت الكثير جداً، منها على سبيل المثال، توثيق العلاقة بين الجامعة وجميع منسوبيها والمنتسبين إليها، والقدرة على مزيد من العناية بجيل المستقبل، والدور الكبير في سد الفجوة بين الطلبة والطالبات والأساتذة ضمن الضوابط الشرعية وتحويل علاقتهم لعلاقة أبوية بدلا من حالها الحزين، والاستفادة من الخبرات العلمية والثقافية والمجتمعية، وتشجع الأساتذة على قضاء أكبر وقت في النادي، وإتاحة الفرصة للطلبة لمناقشتهم وفهم ما يغفل عنهم من المعلومات، وسيساهم كثيراً في الاستفادة من الأوقات المهدرة بين المحاضرات فيما لا جدوى منه، وسيحافظ على المستوى التعليمي والأخلاقي، ويفتح المجال للعديد من الأنشطة الثقافية المختلفة، واتساع مجال المنافسات البريئة، والمسابقات المحلية والدولية، وحصد الميداليات العالمية، ولأثمرت جيلاً أكثر علماً، وأوسع ثقافة، وأفضل أخلاقاً، وأَعَمَّ إبداعاً، وأشد تميزاً، يواكب برامج الرؤيا 2030م، ويسلك مسيرة التنمية المستدامة، ويصل للعالمية.

هل من أمل في تحقيق ذلك!! أتمنى أن أرى ذلك قريبا!!!

والله وَلِيُّ التوفيق.

حرر في 15/07/1443هـ، 16/02/2022م.


 [IJ1]

همسة “عن تطورات طرق حل الخلافات وفض المنازعات[1] (1)”

نسير اليوم في تعايش اقتصادي متناغم بسبب تلك التطورات المتلاحقة التي تتطلب التطوير الفكري والتنظيمي والإداري، فالمحاكم المتخصصة للقضايا المستحدثة والمتنوعة ستوفر عائداً اقتصادياً كبيراً لا ينحصر في الجانب المالي فقط، بل ستتعاظم معه هيبة القضائيان العام والخاص وستزداد الثقة بهما، ناهيك عن عامل الزمن وتوفير الكثير من الجهد لحسم كثير من تلك القضايا الاقتصادية العالقة والشائكة في دهاليز القضاء العام.

        الاستثمارات بكل أنواعها واختلاف درجاتها تمثل كماً كبيراً وكيفاً عظيماً ونظرة واسعة بأساليب متعددة تحقق الأمن والسلامة والعدل والعدالة والمساواة لجميع الأطراف التعاقدية.

        الصلح والتوفيق والتحكيم، أحد وسائل التعامل المدني في المجتمع القديم في العصر الجاهلي، وهو قضاء خاص. القضاة والمحكمون فيه ليسوا تابعين للسلطة القضائية بالدولة، ويحق لأطراف النزاع اختيارهم أو عدم قبولهم. أقر الكثير من قواعده وقوانينه الدين الإسلامي في عدة آيات منها، قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} الآية (58) النساء، وقوله تعالى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا} الآية (128) النساء. وقوله تعالى {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الآية (10) الحجرات، دون تفرقة ولا قبلية ولا طبقية، وطبقه الكثير في المجتمع الحديث وخاصة العربي، إذ لا يزال ساري المفعول والتفاعل في كثير من القضايا والخلافات وخاصة الأسرية والقبلية، والتجارية أحياناً عن طريق حكماء أو وجهاء الناس الموثوق بأمانتهم وعدلهم وحكمتهم، وفقاً للقواعد والأعراف شبه المتشابهة، مع بعض الاختلافات في العادات والتقاليد المتبعة في كل مجتمع.

        التطورات المتلاحقة على المجتمعات الدولية وكثرة التخصصات وتنوع الأعمال أدى للكثير من القضايا المتشعبة، وأقحم القضاء العام -السلطة القضائية المرتبطة بالدولة- في كثير من الهموم والمسؤوليات، وأطال دهاليز المحاكم العامة، فبرزت الحاجة الملحة للعودة للطرق القديمة في حسم الخلافات وفض المنازعات وإدخال التطورات المناسبة عليها لتتوافق مع عصرها، فبدأت عمليات تطوير للقواعد وتنظيم الأسس وتوثيق الخلافات والقضايا وحفظها في سجلات خاصة وتطوير بنودها ومفاهيمها لتواكب العصر.

حظيت التطورات الحديثة لطرق حل الخلافات وفض المنازعات مكانة عالية وموقعاً بارزاً في الفكر القانوني والاقتصادي على المستوى العالمي، وما يشهده العالم منذ ما يزيد عن نصف قرن من حراك فقهي وتشريعي شرعي وقانوني لتنظيم تلك التطورات ضمن اطار ملاءم وأدوات فاعلة تحقق العدالة وتصون حقوق جميع الأطراف على حد سواء حتى أضحت أمراً ملحاً لتلبية متطلبات الكثير من الأعمال الحديثة التي لم تعد المحاكم العامة قادرة على التصدي لها بشكل منفرد.

        الصلح والتوفيق والتحكيم قضاء خاص يستمد صلاحياته من موافقة أطراف النزاع عليه وفقاً للشروط الأساسية والقواعد العامة المتعارف عليها، وهي النزاهة والعدالة والمساواة والأمانة وما يندرج تحتها من شروط وإجراءات تكميلية، وهو قضاء نافذ عالمياً في كثير من دول العالم وبعض الدول العربية، وله مؤسسات خاصة غير حكومية، تُقِرُّه كثير من الدول وتساهم في تنفيذه بالقوة الجبرية إذا تطلب الأمر ذلك وفقاً للاتفاقيات الدولية والإقليمية.

        نشر ثقافة الصلح والتوفيق والتحكيم في المجتمع وتطبيق قواعده وأسسه في العقود الخاصة والالتزامات العامة يساهم في التغلب على الكثير من الخلافات، ويوضح العديد من النقاط المتفاوتة المفاهيم محلياً أو دولياً وفقاً للنظام المتفق عليه ونظام الدولتين التي يجري فيها التحكيم أو تنفيذه.  

        أقسام التوفيق والتحكيم الرئيسية تتضمن الأُسري والطبي والتجاري بكل تخصصاته، والهندسي والفني بشتى مجالاته، ولكل منهم قوانين خاصة ولوائح متجددة وأعراف مختلفة، ومحكمين متخصصين على مستوً عال من الخبرة والكفاءة العلمية والمهنية.

        التوفيق والتحكيم عدة أنواع، له أقسام رئيسية وفرعية، وله العديد من المزايا والدوافع لاستخدامه واللجوء إليه عوضاً عن القضاء العام، ويحتاج لخبرة واسعة ومعلومات كثيرة وكفاءة عالية، وحكمة جيدة وحنكة ممتازة، خاصة إذا كانت القضية كبيرة، أو أوجه الخلاف والنزاع فيها متشعبة.

        الهدف من إنشاء مركز أو مقر خاص يرعى تلك التطورات لفصل الخلافات وفض المنازعات بطريقة تتناسب مع الأنظمة القضائية والقواعد القانونية وتستفيد من الأعراف والتقاليد المتعارف عليها وفق أسس بينة ومفاهيم واضحة، وجمع الكفاءات والخبرات المتخصصة في مجالات متعددة تحت مظلة واحدة، والمساهمة في مساعدة القضاء العام بالقضاء الخاص، وتخفيف الضغط عنه، وتيسير الأمور على المتنازعين، وحسم المنازعات مهما كبر حجمها أو تشعبت تخصصاتها في زمن قياسي، بكفاءة عالية، وقناعة تامة.

        يعتبر دار القرار (مركز التحكيم التجاري لدول الخليج العربية) أحد هذه المراكز المهمة التي أنشئت من أجل ذلك، ويختص المركز بالنظر في المنازعات التجارية بين مواطني دول مجلس التعاون، أو بينهم وبين الغير، سواءُ كانوا أشخاصاً طبيعيين أو معتبرين في المنازعات التجارية الناشئة عن تنفيذ أحكام الاتفاقية الاقتصادية والقرارات الصادرة تنفيذا له، إذا اتفق الطرفان كتابة في العقد، أو في اتفاق لاحق على التحكيم في إطار المركز.

        نلتقي إن شاء الله في مقال آخر لنكمل فيه ما بدأناه[1].       

ملاحظات:

  1. تم نشر نص هذا المقال عام 1434هـ، 2013م.
  2. سبق نشر معلومات إضافية عن القضاء الخاص في مقالة سابقة عام 2009م، تحت عنوان “اتقان الوسائل البديلة” وهي موجودة في الموقع. 
  3. من الممكن استكمال البحث والكتابة في هذا البحث.
  4. من يرغب في التفاصيل يمكنه الرجوع لمطبوعاتي الثلاثة من “موسوعة القضاء والتحكيم” أو الكتب المماثلة أو المختصين. 

[1] لم يتم مواصلة التدوين في المجلة لهذا البحث. 


[1] تم نشرها في مجلة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة العدد (18) مارس 2013م، ربيع الثاني 1434ه، صفحة (42).

همسة سرور وسعادة

اطلعت على صحيفة الرياض بتاريخ 11/02/1443هـ، 18 سبتمبر 2021م، تحت عنوان “المنتديات الأدبية، نشر الثقافة والمعرفة” إعداد الأخ حمود الضويحي، وعلى مقالات أخرى متعددة في صحف أخرى أيضاً، حول المكتبات الخاصة والعامة والأندية الأدبية والثقافية القديمة.

        أفلجت صدي كثيراً تلك المعلومات القيمة والموثقة بالصور القديمة عن دور المكتبات العامة والأندية الثقافية والأدبية التي كانت سائدة منذ القدم وخلال الحكم السعودي “المملكة العربية السعودية” وما قامت به تلك المكتبات والأندية من دور فاعل في التطور الفكري والمجتمعي والاجتماعي. أعجبت جداً بتدوين تلك المعلومات ونشرها لأمثالي، لنعرف ونتعلم ونستفيد، ونستطيع أن نواصل موروثنا العلمي والثقافي العتيق بكل فخر واعتزاز، رغم أنني لست بالكاتب البارع، ولا بالأديب المتخصص، ولا الفيلسوف الماهر، وإنما أنا مجرد قارئ عادي جداً وباحث في مجالات مختلفة بمنهجية وأفكار قد تكون خاصة، تميل للأسلوب العلمي الثقافي المخضرم والممزوج بالقليل من الأسلوب الأدبي والتصور المهني الهندسي.

        كذلك سررت جداً بما قرأته وأعرفه أيضاً عن وجود العديد من الإخوة الكرام في عدة مدن بالمملكة لا يزالوا يمتلكوا مكتبات قيمة المعنى، عظيمة المعلومات، واسعة العلم، متسعة المعرفة جاهزة للترحيب بطلاب العلم والباحثين، مجهزة بإمكانيات فردية متواضعة مشكورة ومحبذة، وأطمع أن تكون هناك وسيلة للتواصل المباشر معهم لمن يرغب.

        كل هؤلاء الأحبة، أناشدهم بأول أية نزلت في كتاب الله المبين “اقرأ باسم ربك الذي خلق” أن يحافظوا على هذه الثروة العلمية الثمينة، والتاريخ المجيد، وعدم التفريط بهما، وأن يضعوا لها قاعدة عامة للمحافظة عليها بعد عمر طويل وحياة ملئها السعادة والهناء في طاعة الله سبحانه وتعالى ومحبة رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، والتوصية مثلاً بوضعها في مجمع المكتبات العامة على ضوء ما أشرت إليه في مقالتي السابقة تحت عنوان “همسة طلب إنقاذ” في موقعي الإلكتروني الخاص[1] وما سبقها وما تلاها من مقالات في نفس المجال، واشير إليهم في أحد مجلدات مطبوعاتي من “مجموعة التراجم التحليلية التداخلية المشتركة[2]، والمشتملة على ترجمة عن بعضٍ من جوانب حياتي مصحوبة بالعديد من التراجم لبعض العلماء والفقهاء والشخصيات السابقة التي عاصرتها وتعلمت منها الكثير، لتكون لهم أجراً مستمراً وثواباً دائماً، وعلماً نافعا إلى يوم القيامة.

        معذرة أيها القارئ الكريم، فأنا لا اتقمص دور الموجه أو المرشد أو الحكيم في أي مجال ولا تخصص، فلكل إنسان ثقافته وميوله وعاداته وطباعه وصفاته وأسلوبه ومفهومة الخاص في الحياة، وفيما يتعلق بمكتبه ومكتبته الخاصة وتنظيمها والعمل على الاستفادة منها الاستفادة القصوى، حسب ظروفه وإمكانياته الخاصة، وما أعرضه أو أقدمه طي مقالاتي أو مداخلاتي على بعض المقالات أو الكتب، ليست سوى فكرة بدائية جالت خيالي، أو استنبطتها من واقع الحياة العملية، أو مقترح أولي قابل للبحث والتطوير ليساهم في تحقيق الأهداف المنشودة من تواجد هذه الثروات العظيمة والمعلومات القيمة المنسية أو المهملة أو المهدرة.              

        كم أتمنى أن يتحقق جمع هذه المكتبات العائلية بعد عمر طويل لأصحابها ووضع تنظيم خاص لها من قبل أصحابها أو ورثتها أو من يمثلهم بالتشاور مع أهل العلم والمعرفة بمثل هذه الأمور، تنظيم يختلف عن النظام الوقفي، وذلك بالتعاون المشترك والمحبة المتبادلة بين المعنيين والمهتمين والموفقين لفعل الخير والعطاء، يضمن حفظها والمحافظة على محتوياتها والاستفادة منها، على منوال ما سبق ذكره مثلاً، وإحياء الدور الفعي للمكتبات الورقية وخاصة القديمة منها، ولا مانع من نسخها إلكترونياً أيضا ليسهل الاستفادة منها على المستوى العالمي.                والله على ما نقول وكيل.

حررت في 04/07/1443هـ، 05،02/2022م.

ملحوظة: يمكن التعليق على المقالات والتجول في الموقع.


[1] www.ibrahimhj.com  يمكن إضافة تعليق وقراءة التعليقات على المقالات

[2] لا تزال تحت المراجعة قبل إذن الطباعة

همسة عن بعض الأنشطة

اطلعت على عدة مقالات في صحيفة الرياض عن موضوع “تفعيل دور المسرح المدرسي” منها مقاله للأستاذ ناصر بن محمد العمري، تحت عنوان “هندسة مستقبل الأجيال بالتربية المسرحية” بتاريخ 26 جمادي الثاني 1443هـ، 23 يناير 2022م.

للنشاط الثقافي المتنوع بشكل عام (الإذاعة المدرسية، والمسرح، والقراءة، وصحيفة الحائط، والكتابة، والتمثيل، والخطابة، وكتابة القصص القصيرة، والمساجلة الشعرية، وأنواع الرياضة، وغيرها) في المدارس في عصرنا القديم قبل أكثر من نصف قرن، دور كبير في تخريج العديد من متنوعي الثقافات والفكر ورجال الدولة والمال والاقتصاد، ولا تزال مؤلفات بعضهم مراجع تاريخية عظيمة. لم تكن تلك الأنشطة ضمن المناهج التعليمية، بل كانت في أوقات خارجة عن الحصص الدراسية بترغيب المدرسين وتشجيعهم المتواصل على حب التعلم واقتناء المعرفة، حتى يستطيع كل طالب اختيار المجال الذي يحبه من تلك الأنشطة وليس المفروض عليه، ويستطيع الاستفادة من أوقات فراغه في أشياء مفيدة بدلا من هدرها فيما لا فائدة منه.

ركزت غالبية المقالات التي اطلعت عليها على المسرح والموسيقى ونسيت بقية الأنشطة الأخرى المفيدة أيضاً والمهمة، وجعلتها دراسة إجبارية وحصص دراسية، وهذا يعني خفض عدد حصص المواد التعليمية، أو زيادة عدد الحصص اليومية الدراسية، وفرض الأمر الواقع، وعدم اتاحة الفرصة للراغبين في الإذاعة أو التمثيل أو الكتابة أو السباحة أو غيرها من الأنشطة الأخرى، فليس كل الطلاب من هواة المسرح أو الموسيقى، وهو شيء طبيعي.   

إعادة تفعيل تلك الأنشطة بكل أشكالها ومسمياتها وتطورات قواعدها وأساليبها أصبح شيء ضروري ومهم جداً في العصر الحاضر للذكور والإناث على اختلاف أعمارهم، يتنوع حتى يثمر لنا فئات فكرية وإبداعية متعددة وليست قاصرة على المسرح والموسيقى، بل يمكننا أن نساهم بفرق متعددة الأنشطة في المناسبات المحلية والدولية، ونشارك في البطولات العالمية، ونساهم في بناء مجتمع متكامل العناصر، متكاتف الأيدي، متحد القلوب، تحت راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله” ونحقق الرؤيا 2030م، ونواكب مسيرة التنمية المستدامة.

أذكر أنني طرحت فكرة في مقال آخر تحت عنوان “همسة عن ثلاثية الشخصية” بموقعي بتاريخ 23/04/1443هـ، أتمنى أن تتظافر جهود الجهات ذات العلاقة وتسعى للدراسة الجدية للفكرتين والوصول لنتائج تحقق المصلحة العامة وتساهم في بناء مجتمع قوي العقيدة، قدوة صالحة، تُضرب به الامثال الحسنة، قائد في المسيرة، متميز في العمل، مبدع في الإنتاج. والله وَلِيُّ التوفيق.

حرر في 08/07/1443هـ، 09/02/2022م.


 [IJ1]

همسة عن ثلاثية الشخصية

قرأت مقالة الأستاذ ياسر عمر سندي “ثلاثية تأسيس الشخصية” في صحيفة مكة ليوم الأربعاء 17/11/2021م. مقال يتسلل للصميم، ويسترجع ذكريات بعيدة الأمد.
ما ذكره الكاتب من مزايا ومميزات لتلك المكونات الثلاثية للشخصية (الرماية والسباحة وركوب الخيل) ليست سوى قطرة من بحر -بحسب معلوماتي- أو توجيه إرشادي عام، نبوي شريف، وليس قاصراً عليها، خاصة إذا توفرت الامكانيات وتمت العناية بها منذ الطفولة.
قد تكون المقالة بداية جيدة لتحقيق أحلام وطموحات مر عليها أكثر من نصف قرن، كتب عنها الكثير، ونادى بها العديد من الآباء والكتاب والمربين وغيرهم بأساليب مختلفة، ونظرات متنوعة، ورؤى بعيدة، رحل الكثير منهم دون أن تنعم نفوسهم بتحقيق تلك الآمال لتنشئة أجيال قوية بالإيمان، متمكنة بالعلم، ناشرة للسلام، داعية للإسلام، فاهمة بالإدراك، واعية بالسليقة، مستوعبة بالنظرة، مستشعرة باللمسة.
الإجازات الصيفية فرصة كبيرة لا تعوض، وعطلة نهاية الأسبوع وقت طائع بين التجوال في الشوارع والطرقات، أو بين المولات، أو على طاولات المقاهي وأرفف السيارات، أو على شاشات الهواتف وغيرها من الفسيفسائيات لتصفح الغث والقليل من السمين دون رقيب ولا حسيب.
حبذا لو تتم الاستفادة من المدارس ذات الفناء الواسع بعمل نادي للطلاب، مختلف الهوايات يبدأ من بعد صلاة العصر مثلاً حتى صلاة العشاء ليتمكن الطلبة من المذاكرة وحل واجباتهم بعد ذلك، أو تطويره ليكون ملتقى علمي للطلاب بالمدرسين والإجابة على الأسئلة وحل الواجبات بين فترات اللعب والتسلية، وتطوير حال الطابور الصباحي ليكون ذو معنى حقيقي لعملية الانضباط والتدريب على الحركات الرياضية، ويمكن تقسيم أنواع الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية والتطوعية لتكون في أكثر من مدرسة سواء في نفس الحي أو في أحياء متجاورة، وعمل مسابقات، وتقديم جوائز معنوية أو مادية متواضعة لتشجيعهم على المواظبة، والاستفادة من مدرسي تلك الأنشطة ودعمهم لتنمية قدراتهم، مع الاستعانة بخبرات المتقاعدين وذوي الخبرة منهم والسماح لهم بالقيام بدورهم في حسن التربية، ودعمهم مادياً ومعنوياً.
وقد يكون التعاون مع بعض الأندية الرياضية التي تتوفر فيها الأنشطة التي يتعذر توفيرها في المدرسة مجدياً، خاصة مع الدعم السخي من وزارة الثقافة، مع مراعاة عدم تداخل طلاب وطالبات المدارس مع لاعبي ولاعبات ومرتادي تلك الأندية.
فكرة سريعة لخطوة شاملة لتنشئة الأجيال التنشئة السليمة، يستغل فيها الطلاب والطالبات أوقات فراغهم بالمفيد، وتتحسن صحتهم، وتقوى بنيتهم، وتتوسع أفكارهم، وترتفع طموحاتهم، وتبرز قدراتهم، وتخرج إبداعاتهم، وتنطلق ابتكاراتهم. وكلما كانت الإدارة جيدة وقوية، والرقابة صارمة، والدعم سخياً وقوياً، كلما كانت النتائج أكثر إيجابية، وأقرب للأولوية الدولية، ومفخرة وطنية عالمية.
هذه الخطوة لا تعني التوقف عن المهرجانات والاحتفالات العامة التي قد يحتاج بعضها لشيء من التوازن، لأن هذه عامة وشاملة دولية ومحلية، أما تلك فهي خاصة ومخصصة لفئة عمرية معينة.
أتمنى أن تصل الفكرة العامة لذوي المسؤولية وأهل الصلاحية لدراستها بجدية مع ذوي الاختصاص وتحقيق أهدافها تمشياً مع قواعد الرؤيا 2030م، واستكمالاً لمسيرة التنمية المستدامة وبرنامج جودة الحياة.
والله المستعان.

همسة طلب انقاذ

من المؤلم جداً، والمؤسف حقاً أن مكتبة المنزل قد أصبحت عبئاً ثقيلاً جداً على الكثير منا، يبحث الكثير منا عمن يأخذها ليستفيد منها بأي شكل، أو يرسلها للحراج لتباع بأبخس الأثمان، والبعض يضعها في سلات المهملات، أو يهجرها لتصبح طعاماً للفئران، لم يعد لها مكان بيننا، بينما كانت تتصدر مجالسنا، وكان الكتاب والقلم بالحبر السائل والريشة أفضل هدية لنا في المراحل الدراسية في زماننا. كم نكون سعداء عندما تتاح لنا فرصة الزيارة أو البحث أو الحصول على كتاب في مكتبة أحد الأشخاص المعروفين في ذلك الزمان بمكتبته القيمة واقتنائه للكتب الدسمة في مجالات مختلفة، أو الجلوس بين العلماء والفقهاء والأدباء والمثقفين للتعلم والاستفادة من حواراتهم ومناقشاتهم الهادئة. لم يبق من مرتادي المكتبات المتبقية إلا القلة النادرة بعد أن كانت مزدحمة مهما اتسعت. طغت على تواجدها عدة عوامل ومتغيرات، ويسرت تجاهلها تواجد التقنيات الحديثة وسهولة على الحصول على المعلومة.

ترى! هل نطيق فِراقها بعد هذه العشرة الطويلة والأيام الجميلة بين صفحات محتوياتها، والمعلومات القيمة التي تعلمناها ولا نزال نتعلم منها! وهل تهون علينا بهذه البساطة بعد أن كانت جزءً من حياتنا اليومية! إن ما يحدث للكثير من المكتبات المنزلية في عصرنا الحاضر أمر عجيب لم يكن في الحسبان، وهو ما دفعني لتقديم فكرة “لمجموعة البيوتات والعوائل المكية” و”مشروع مجموعة الحارات المكية القديمة، أو حارات مكة المكرمة القديمة” 13/03/1443هـ، 10/10/2021م، تحت عنوان “همسة لشقاق مكة المكرمة” كوني أحد أعضائها وعضواً في مجلسها التنسيقي، واحد أعضاء مجلس مستشاريها الستة، وذلك لتبني رعاية هذه المكتبات والمحافظة عليها بجمعها ووضعها في مكتبة كبيرة خاصة ضمن المشروع الاستثماري المقترح “الحي النموذجي لحواري وحارات مكة المكرمة قديماً” والانفاق عليها من ريع مشروع الحي كأحد بنود المصروفات، إذ من المخزي جداً أن بعض المكتبات المنزلية تباع في حراج الصواريخ بجدة، الكتاب بريال واحد، أو على المتاجرين بالكتاب المظلوم، وخاصة المخطوطات والوثائق والكتب القديمة، شيء لا يصدقه العقل ولا يقبله المنطق، بالإضافة لبعض المقترحات الأخرى.

أهيب بالجميع أن يسارعوا لتحقق انقاذ هذه المكتبات القيمة وما في حكمها بأقصى سرعة ممكنة من الاندثار، والمحافظة على أسماء أصحابها، ومنحهم الثواب شكراً لهم على عطائهم القيم، وذلك بتبني مقترح مشروع “المكتبة المكية” أو ما يشابهها، من قبل مجموعة من الإخوة والأخوات الكرام، والتنسيق مع تلك المجموعات قبل فوات الأوان، فأجرها كبير ومستمر باستمرار المحافظة عليها لكل من يساهم فيها ولو بريال واحد، وجعلها داراً خالدة الثواب لأسلافنا، ومرجعاً وثائقياً لتاريخنا، ودليلاً على عراقة حضارتنا، ومركزاً تعليمياً للدارسين والباحثين عن العلم وطالبي المعلومات، والراغبين في المعرفة على اختلاف أعمارهم وهوياتهم وجنسياتهم ومعتقداتهم.

نشر بتاريخ 28 ديسمبر 2021

همسة عن المطبوعات الورقية

أشكر الأخت فاتن محمد حسين على حرصها الشخصي لإرسال رابط مقالتها (الصحف الورقية بين الاندثار والهندرة) في صحيفة المدينة بتاريخ 17/11/2021م، على الواتس آب الشخصي.

الحقيقة، أن الكثير من الكتب والمطبوعات الورقية الجيدة تراجعت العناية بها منذ عدة سنوات بسبب اجحاف دور النشر والطباعة والتوزيع في الشروط المفروضة على المؤلفين والكتاب، وكثير من الكتب والمطبوعات الموجودة في الأسواق والمكتبات ومعارض الكتاب تهتم بالكم ولا تعرف للكيف سبيلا، لأنها تريد كسب أكبر قدر ممكن مادياً دون النظر للمحتوى والكيف، وهذا أحد أسباب توقف العديد من الكتاب والمؤلفين عن مواصلة رسالتهم وتراجع عزيمتهم وإصابة بعضهم بصدمات نفسية أو عصبية أو غيرها.

سبق أن كتبت عن هذا في خطاب رسمي لمعالي وزير الإعلام عام 1424هـ، وقدمت بعض المقترحات، إلا أنني لم أجد أي تجاوب، وأشرت لذلك أيضاً في مقدمة كتابي “رجل المهمات الصعبة” 1439هـ، ولم يتطور شيء، بل يحدث العكس. وأذكر أنني قرأت مقالة للأستاذ موفق النويصر (بماذا يريد وزير الإعلام أن نتذكره) في صحيفة مكة في 17/11/1440هـ.

لا شك أن التطورات المعلوماتية، فتحت المجال أمام الجميع لملء الفراغ الواسع دون النظر لجودة المادة وأهدافها ونتائجها، لكن الكِتاب أو الصحيفة أو المعلومة المطبوعة لها عشاقها ومفهوم أهدافها، وهي الباقية والمؤثرة مهما تطورت وسائل التواصل، وأقرب مثال ما حدث قبل أيام عندما تعطلت وسيلة التواصل الواتس آب، وما يجري حالياً على موقع الياهو yahoo mail، وهذا أمر متوقع في أي وقت له ولغيره من تلك الوسائل. أما المطبوعة الورقية فهي محفوظة رغم مرور العصور، وبها وصلتنا المعلومات عن تاريخ العصور السابقة وأعمال الأسلاف الخالدة، والاختراعات والنظريات التي لا نزال نستخدم بعضها ونطور البعض الآخر، أو نستحدث غيرها.

مع تقديري لفكرة تحويل المؤسسات الصحفية لشركات، فمن وجهة نظري وتجاربي المتنوعة، ليست كل الأعمال تصلح لتكون شركات، وبعضها لا ينجح في أن يكون مؤسسة، وأصحاب الرأي النهائي هم المختصون في ذلك. أما موضوع تأخير تسديد قيمة الإعلانات الحكومية فهو ذو شجون طويلة بين المطرقة والسندان كأي موضوع مشابه، وأصحابها الأجدر بالإجابة عليها.

أتمنى أن تكون هناك جهة راعية للكتاب والكتاب والمؤلفين، وأن يُقام مشروع استثماري مشترك لتمويل الصحافة والصحف، وجهة قادرة علي حسن التمييز بين الغث والثمين، ومراعاة تطبيق قواعد جودة العبارة والتعبير، والمحافظة على حسن استخدام قواعد اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، وتجنب المجاملات والمحسوبيات وخاصة عندما تمس الأشخاص والأطفال والمجتمع.   

نشر بتاريخ نوفمبر 2021,17

همسة أمل (2)

تحدثت في مقال سابق بتاريخ 28/02/1443هـ، تحت نفس العنوان، عن الأمل في أن يكون ضمن المادة الثالثة من المواد التي يدرسها الوزراء والعلماء بمناسبة انعقاد الدورة ال (18) للمائدة الوزارية المستديرة لمنتدى العلوم والتكنولوجيا 2021 (STS Forum) عن بعد، والتي تم انعقادها في مدينة كيوتو اليابانية (5 أكتوبر 2021م)، إلى جانب مناسبة اليوم العالمي للمعلم، أن تشمل المادة [السماح لأي باحث من المواطنين بالحصول على المعلومات المطلوبة من جهات العلاقة ببحثه -وإجراء التجارب والفحوصات المخبرية اللازمة لبحثه، إذا تطلب البحث ذلك- وتدوين النتائج والتحليلات والاستنتاجات، ومساندته بكل الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة من نشر العلم والثقافة والتطوير والابتكار والإبداع].

        استكمالاً لذلك الموضوع، فإن على كل إنسان يستطيع أن يواصل تحصيل العلم، أن يكون تحصيله له حباً فيه، ورغبة شديدة في أن يحقق منه المنفعة العامة، لا طمعاً به ولا وسيلة محظورة. تعليم الإنسان خلال مراحل حياته، دون تحديد فترة زمنية، أو نوعية معينة، أو عمر أو مكان مخصص، يستثمر خلالها جميع وسائل التطورات في شتى المجالات والتخصصات وتنمية المجتمعات، وحسن الاستفادة من الكفاءات والخبرات والمهارات الوطنية والأجنبية، سواء ضمن الأنظمة التعليمية الرسمية أو خارجها، خاصة بعد أن أصبح التعليم المستمر المباشر والغير مباشر، أو من خلال الخبرات والممارسات ونقل التكنولوجيا، يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الحياة البشرية الطبيعية منذ الولادة وحتى الممات.

        من المؤلم جداً، أن دور مؤسسات التعليم بأنواعه وعلى اختلاف مراحلها في بلادنا، لا تطبق هذه المبادئ، ولا تشجع على انتهاجه، بل تصر على سنوات العمر المحدودة لتلقي العلم منها والعلوم معها، ثم التوقف عندها في انتظار الأجل المحتوم، مما يفقدنا الكثير من المعلومات القيمة والتجارب الجيدة والخبرات الواسعة. قد يكون ذلك لأسباب معقولة يمكن معالجتها إذا تمت مناقشتها بجدية، ووضعت قاعدة قوية لتبنيها، أو مجهولة يمكن تحليلها وتصحيحها، إذا تبنتها جهة الصلاحية، أو بسبب محدودية الأماكن في مؤسساتها، لإتاحة الفرصة لمن تنطبق عليه الشروط العمرية، وهذا خلل في المفاصل، وإجحاف كبير في حق العاشقين للعلم والمعرفة ومواصلة التعليم، وفي حق نشر العلم، إذ لكل فرد دور رئيسي وفعال في بناء المجتمع وتحقيق غاياته وأهدافه، ومواصلة التعلم خير معين على ذلك، وهو ما يأمرنا به الكتاب المبين في أول سورة نزلت على نبيه الأمين، عليه افضل الصلاة والتسليم.

        إن تبني صدور وتنفيذ قرار السماح بالتعليم المستمر لمحبيه وعاشقيه على اختلاف تخصصاتهم دون التقيد بسنوات العمر أو الزمان أو المكان في قطاع مخصص أو مرتبط بمؤسسات التعليم الموجودة، ودعم وتشجيع رُواده بكل الوسائل المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة منه، سيساهم بقدر كبير في تنمية الشغف المعرفي ومواصلة الاعتزاز بالقيم والعادات الحسنة والتقاليد المحبذة، وسيدعم عملية قبول التحدي من الجنسين ذكوراً وإناثاً للنجاح في مسيرة الحياة المستدامة، وسيكون له نصيب وافر في المزيد من عمليات الابتكار وفرص الإبداع وحالات التميز، وسيعزز مفهوم التنافسية التعليمية والمعلوماتية والتعريفية بينهم، وسيركب رواده قطار تحقيق متطلبات الحياة القيادية، وسيفتحون بوابة الريادة، ويمسكون بزمام القيادة العلمية والحضارية، وسيكون لهم شرف ربط الحاضر بماضي أسلافنا العريق، وفتح المجال أمام أجيالنا القادمة لتكمل ما يبدؤون به، مع حسن الاستفادة من الخبرات المتنوعة، والاسترشاد بالكفاءات المختلفة في شتى المجالات والتخصصات.

نشر بتاريخ اكتوبر 2021,20

همسة لعشاق مكة المكرمة

تعددت وتنوعت وسائل التواصل الحديثة، مما أتاح الفرصة للفرد في اختيار الوسيلة التي ترضيه أو يجد فيها مبتغاه. عضويتي في مجموعة واتساب “البيوتات والعوائل المكية” التي أنشاها الشريف محمد آل زيد وترعاها جمعية الشيخ صالح صيرفي -بحسب معلوماتي، جراهم الله خير- عرفتني بالكثير من الأحباب والمحبين والمثقفين والعاشقين لمكة المكرمة من الذكور والإناث، والقليل من القدماء ومجموعة من المعاصرين والشباب على مائدة المحبة وأيام الذكريات. 

أفلج صدري جداً بالسعادة والأمل معرفة امتلاك الكثير منهم لمكتبة قيمة، أو هواية جميلة تشكيلية أو خيالية أو أثرية أو تراثية، أو صور لبعض الأسر والمواقع الأثرية والتاريخية، وحرك المشاعر الدفينة، واسترجاع الكثير من الآمال والطموحات العتيقة التي وقفت الكثير من العقبات دون تحقيقها منذ زمن بعيد وحتى الآن، فتفاعلت الأحاسيس الجياشة المتبادلة مع المجموعة نحو مكة الحبيبة، فأخذ الجميع يفكر بصوت مرتفع ويناقش بهدوء ويرحب بسعادة، ويستقبل بمحبة، ويناقش بعقلانية. 

أُلخص بعضاً من تلك الآمال والأحلام التي سبق أن طرحتها مرات عديدة في مناسبات مختلفة، ولا تزال تراودني باستمرار، لإقامة المشاريع الموضحة أدناه ممثلة في هيئة أو شركة استثمارية مساهمة رسمية ذات ذمة مالية مستقلة، تخضع للأنظمة والتعليمات ذات العلاقة، ويمكن أن تستثنى لها حالات خاصة بموافقة كريمة، ولها أنظمة وتعليمات خاصة بها واضحة ومحددة، متمنياً على كل عاشق ومحب لمكة المكرمة أن يساهم بنصيب في تحقيقها.  

01- عمل مجسم طبيعي كامل خارج منطقة الحرم -حتى يتمكن الغير مسلمين من زيارته- على مساحة كافية، يَجْمَعْ الأحياء المحيطة بالمسجد الحرام قبل التوسعات السعودية كمشروع استثماري متكامل الخدمات الحديثة، له مجلس إدارة مستقل، ومجلس أو إدارة تنفيذية ذات صلاحيات واختصاصات مبينة، وأقترح مسماه {الحي النموذجي لحواري وحارات مكة المكرمة قديماً}

02- إقامة متحف كبير ضمن المشروع يتضمن الصور والمجسمات والنماذج والرسومات الموجودة لدى الأفراد الراغبين بدلاً عن بقائها مخبأة لديهم، والمعبرة عن الأحاسيس الداخلية والمشاعر التفاعلية والتراث والتاريخ المكي العتيق، وفتح المجال للمبدعين لإضافة المزيد، في صالات مستقلة ومتعددة، وصالة لعرض الأفلام الوثائقية والتاريخية بعدة لغات. هذا المتحف سيكون شاهداً حضورياً على حضارتنا، ومعبراً واقعياً عن ثقافتنا، ومؤكداً تطبيقياً لعراقة أسلافنا، ويمكننا استنساخ نسخة منه نشارك بها في جميع المعارض الدولية في جناح بلادنا الغالية. 

03- جمع كتب ومخطوطات مكتبات الأسر أو الأشخاص الغير راغبين في بقائها عندهم، ومن يرغب كذلك من الآخرين، ووضعها في أجنحة مخصصة باسم كل منها داخل مكتبة كبيرة ضمن الحي النموذجي، ويمكن إضافة أي كتب تصلها مجانناً، تكون داراً مجانية للعلم والثقافة والأبحاث، أسوة بمكتبة المسجد الحرام والمسجد النبوي، يكلف برعايتها أخصائيون تصرف مكافآتهم من ريع المشروع، كأحد بنود الإدارة العامة والتشغيل والصيانة للمشروع، ويشرف عليه مجلس إدارة منتخب. 

04- توفير المرشدين السياحيين المرخصين من جهة العلاقة، والخرائط واللوحات الإرشادية والنشرات ووسائل الإعلام والدعاية اللازمة، وتأمين وسائل النقل العام والخاص من وإلى المشروع، بالإضافة للمواصلات الداخلية في المشروع.

لا شك أن إقامة مثل هذه المجموعة من المشاريع سيكون لها أثر كبير على استقطاب المزيد من السياح والمعتمرين، وتعريف الناس بعراقة تاريخنا وقوة حضارتنا، ولها أثر إيجابي كبير في فتح المجال أمام العديد من الأيدي العاملة في مختلف المجالات، وسيساهم بقدر ممتاز في الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير مصادر جديدة للدخل لا تعتمد على البترول، وفي تحقيق بنود من الرؤيا 2030م، إلى جانب خطط التنمية المستدامة. 

أتمنى أن يرى العالم كله هذه الأحلام حقيقة واقعية في أقرب فرصة، فالزمن يستمر، والإيام تتوالى، وقطار المسيرة المستدامة لا ينتظر، وتذكيراً للعالم الواسع حتى لا ينساها، وحفاظاً على ذكراها وذكرياتها التي يجهلها الكثير من الأبناء، ناهيك عن الأحفاد، تاريخ أسلافهم العريق، وحضارة دينهم الوحيد.

نشر بتاريخ اكتوبر،٢٠٢١،١٩

همسة أمل

بمناسبة انعقاد الدورة ال (18) للمائدة الوزارية المستديرة لمنتدى العلوم والتكنولوجيا 2021 (STS Forum) عن بعد، والمنعقدة في مدينة كيوتو اليابانية (5 أكتوبر 2021م)، بحضور عدد من الوزراء والعلماء والباحثين من 57 دولة والاتحاد الأوروبي، وبالإشارة للمواد السته التي استعرضتها المائدة الوزارية خلال جلساتها، وبمناسبة اليوم العالمي للمعلم.

ونظراً لدخول المملكة عالم التطورات الحديثة والمسيرة المستدامة، واكتشاف العديد من المبدعين والمبتكرين المواطنين في مجالات مختلفة.

نأمل أن يكون ضمن المادة الثالثة منها [السماح لأي باحث من المواطنين بالحصول على المعلومات المطلوبة من جهات العلاقة ببحثه -وإجراء التجارب والفحوصات المخبرية اللازمة لبحثه، إذا تطلب البحث ذلك- وتدوين النتائج والتحليل والاستنتاج ومساندته بكل الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة من نشر العلم والثقافة والتطوير والابتكار والإبداع] مجاناً، بل وتشجيعه ودعمه معنويا، ومادياً حتى وإن تجاوز سن الثلاثين من عمره، أو كان متقاعداً أو غير عامل في أي قطاع، طالما أنه قادراً على تقديم خبراته ونشر معلوماته وتطوير أبحاثه في أي تخصص أو مجال]، وتحقيق طلبه لمناقشتها مع الجهة ذات العلاقة ببحثه -إذا لزم الأمر- وتوجيه الجامعات وجميع الجهات المعنية بذلك.   

نشر بتاريخ اكتوبر 2021,5