كتبت في مقالات سابقة عن بعض الأنشطة المدرسية الثقافية المختلفة، “همسة عن ثلاثية الشخصية” و “همسة عن بعض الأنشطة“. وبينت مدى الحاجة الماسة لها للطلاب والطالبات حتى نهاية المرحلة الثانوية.
موضوع اليوم عن “النادي الجامعي” لجميع الكليات وما يمكنه أن يقوم به من دور فاعل في مجالات شتى، خاصة إذا تحقق حلم الأنشطة في المراحل الدراسية السابقة، والتي أشرت إليها أعلاه.
كان في أيامنا عدد الجامعات في المملكة اثنتان (كلية الشريعة ومعهد المعلمين في مكة المكرمة وجامعة الملك سعود في الرياض) ورغم ذلك كانت تتبارز علمياً وثقافياً. كانت هناك مسارح وحفلات أسبوعية وسنوية، وشهادات تقدير وهدايا رمزية تشجيعية، ورحلات طلابية جامعية متنوعة الأهداف، وأندية ثقافية متعددة التخصصات، ورياضية متنوعة، ومنافسات بريئة على البطولة وغيرها.
أخذ عدد الجامعات يزداد وتتوسع في التخصصات حتى أصبح لدينا أكثر من ثلاثين جامعة في المملكة محرومة -يا لطيف- من معظم الثقافات وما جد عليها من معلومات، والتي يفترض أن تكون هي منبعها، ولا يزال كثير من خريجيها غير ملائمين لمسيرة التنمية المستدامة، تمتلك كل منها مساحات شاسعة من الأراضي دون الاستفادة منها، رغم أن هناك العديد من وسائل الاستفادة منها مادياً ومعنوياً وثقافياً ومجتمعيا.
عدد طلاب كل جامعة قد يفوق المائة ألف طالب وطالبة (100,000) وعدد أعضاء هيئة التدريس والإداريين وبقية العاملين أيضا آلاف أخرى، ولذلك يطلق على مجمعها المدينة الجامعية، لكنها الخالية من مقومات الحياة الاجتماعية والثقافية لعدم توفر مقومات الثقافة الحقيقية والاكتفاء بالتعليم النمطي، أو التلقين، وما أن ينتهي العام الدراسي حتى يتبخر ما قد كان من معلومات.
معظم المحاضرات تسبقها أو تليها ساعات فراغ تضيع هدراً على الطلاب والطالبات، وتخسر فيها الجامعة الكثير، وما قد يوجد من بعض تلك الأنشطة في بعض الجامعات لا يحقق الأهداف المنشودة ولا يواكب عصر التطورات التكنولوجية الحديثة.
لو فكرت الجامعة في إنشاء “النادي الجامعي” داخل الحرم الجامعي بإحدى الطرق الحديثة للاستثمار والمزودة بكل المتطلبات، أو بأغلبها على الأقل لحصدت الكثير جداً، منها على سبيل المثال، توثيق العلاقة بين الجامعة وجميع منسوبيها والمنتسبين إليها، والقدرة على مزيد من العناية بجيل المستقبل، والدور الكبير في سد الفجوة بين الطلبة والطالبات والأساتذة ضمن الضوابط الشرعية وتحويل علاقتهم لعلاقة أبوية بدلا من حالها الحزين، والاستفادة من الخبرات العلمية والثقافية والمجتمعية، وتشجع الأساتذة على قضاء أكبر وقت في النادي، وإتاحة الفرصة للطلبة لمناقشتهم وفهم ما يغفل عنهم من المعلومات، وسيساهم كثيراً في الاستفادة من الأوقات المهدرة بين المحاضرات فيما لا جدوى منه، وسيحافظ على المستوى التعليمي والأخلاقي، ويفتح المجال للعديد من الأنشطة الثقافية المختلفة، واتساع مجال المنافسات البريئة، والمسابقات المحلية والدولية، وحصد الميداليات العالمية، ولأثمرت جيلاً أكثر علماً، وأوسع ثقافة، وأفضل أخلاقاً، وأَعَمَّ إبداعاً، وأشد تميزاً، يواكب برامج الرؤيا 2030م، ويسلك مسيرة التنمية المستدامة، ويصل للعالمية.
هل من أمل في تحقيق ذلك!! أتمنى أن أرى ذلك قريبا!!!
والله وَلِيُّ التوفيق.
حرر في 15/07/1443هـ، 16/02/2022م.