رفقا بالقوارير
رفقا بالقوارير , توجيه نبوي شريف , أوصيكم بالنساء خيرا , توصية طيبة مباركة , وحث ووصاية لحسن الرعاية والتوجيه من خير البرية عليه أفضل الصلاة وأجل السلام , للجنس اللطيف , والنصف الآخـر من المجتمع , رغم حنانه الذي يُرضع , وحنيته التي تجمع , وجماله الخَلقي والخُلقي , وتجميله للكون بوجوده , ودلاله الذي يغرس العطف في القلوب , وتدليله الذي يبعث الحياة للنفوس .
تلك هي مقتطفات من توجيهات وتعاليم الدين الحنيف لرعاية وحسن الوصاية والتوجيه للمرأة الأم والأخت والزوجة والابنة , والمصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير نموذج يحتذى به حين عالج تصرف السيدة عائشة رضي الله عنهما عندما تعمدت كسر القصعة غيرة منها , دون أن ينهرها أو يثور في وجهها أو يقيم الدنيا ولا يقعدها , كما يعمل معظمنا لأتفه الأسباب وأقل الأفعال , بل برر لها غيرتها أمام الصحابة رضي الله عنهم جميعا عندما رأي علامات التعجب والدهشة على وجوههم , فقال عليه أفضل الصلاة والسلام بما معناه [ غارت أمكم عائشة ] , فانفرجت أسارير الصحابة رضوان الله عليهم جميعا .
لقد أوجد الله سبحانه وتعالى العاطفة والرقة والحنان والعطف والحب والتضحية والتسامح , ووضعها في هذا المخلوق الناعم الملمس , والمرهف الأحاسيس , والمليء بالحنان , والفيـاض بالدفء , والكثير التسامح نسبة لنا الذكور , ووضع قواعد التعامل بينها وبين الرجل , ورسم طريق سلوكها , وأوضح مجال طهارتها , وحدد منهج عفتها , وذكر حقوقها , وبين واجباتها , وما دون ذلك خروج وجحود , وتجن وضياع .
إن معظم المجتمع الغربي- وهذا عن واقع عايشته من خلال رحلاتي العديدة على مر السنين- يتمنى أن يعيد للمرأة ولو جزءا يسيرا من كرامتها , ويشعر بأنوثتها , وينعم بدفئها , ويتمتع بشيء من حنانها , بعد أن أفقدها كل شيء جميل فيهـا , واغتصب كل بسمة صادقة يمكن أن ترتسم على محياها , واستباح عفتها , واستهان كرامتها , وجعلها سلعة رخيصة , وتجارة رابحة دنيويا , سهلة التداول لتحقيق الغايات والوصول للأهداف , دون رحمة أو شفقة , أو عفة وكرامة .
المرأة المسلمة والمؤمنة بعدل الله سبحانه وتعالى تدرك تماما أن الهدف الأساسي من كل ما ينسج لها من خيوط في شكل حرير , ما هي شباك من حديد , وما يبنى لها من آمال ليست سوى أوهام , وما يكتب لها من تشجيع ليس سوى تطبيل , وما يرسم لها ما هو إلا خيال , وما يقال لها سراب من خلفه سراب , وظلمات بعضها فوق بعض , وهي المسكينة مندفعة بعاطفتها , متجاوبة بأحاسيسها , إن استجابت فهي تسير بمحض إرادتها في ظلام دامس نحو الهاوية , فالحذر الحذر يا أمي وأختي وزوجتي وابنتي وحفيدتي , من كل ما يحاك حولك , ويصور لك في الظلام , وستذكرين قولي هذا يوما ما وتندمين حين لا ينفع الندم .
تأكدي يا أختاه، أنني لست ضدك ولا متحيزاً، أو كما يقول البعض من بقايا العصور الوسطي، ولكن صدقي أو لا تصدقي , فهي تعاليم الدين الحنيف , ومنهج الصراط المستقيم , وحنكة الحياة القاسية , ومرارة الظروف الصعبة , وتجارب الزمان المتلاحقة , ولك أن تعي وتدركي , وتتبصري لتبصري, وتتروي قبل أن تحكمي , حتى لا تظلمي فلا تظلمي .
جمالك في حيائك لا في سفورك , وحنانك في عطفك لا في قسوتك , وخجلك في أنوثتك لا في بجاحتك , ودورك محفوظ , وفضلك معروف , فلا تغرنك الحياة الدنيا , ولا يضلنك المضللون , ولا تشمتين فيك الحاقدون .
أمي وأختي وزوجتي وابنتي وحفيدتي , يشهد الله عز وجل أنني معك قلبا وقالبا , جسدا وروحا , رفيقا ومرافقا أمينا مخلصا , ما دمت تسيرين في إطار المنهج الإسلامي , نسير معا في مركب واحد , نصارع الأمواج , ونشق أعماق المحيطات , نسارر النجوم , ونحاكى البدر , نخفف من الهموم , ونناجي الغيوم , ونهمس بالعيون .
هذه هي الحياة , هموم وأشجان , وأحلام وأحزان , وماض وحاضر , ومستقبل بيد الرحمن , وآمال جسام , وأحلام عظام , فهل تمدين يدك نتعاهد على الكتاب المبين , ونسير معا في أمن وأمان , لنرعى أبناءنا حق الرعاية , ونعلمهم محبة الله , ومحبة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وآل البيت , وحسن الخلق , واحترام الكبير، وحب النديد، والعطف على الصغير, فنحمي أجيالنا، ونحقق أهدافنا , ونبني وطننا , ونعيد أمجادنا.
لقد أثبتت المرأة المعاصرة – كما سبق وان أثبتت جدتها من قبل – مدي صبرها وجدارتها , وإمكانية الاعتماد على قدراتها وخبراتها وكفاءاتها المتعددة , وحسن شخصيتها , فيما أنيط بها من مناصب قيادية محلية وقطرية ودولية , ضمن الإطار الشرعي العام , فبقيت مفخرة للمسلمين , وشوكة للحاسدين , وهما على الحاقدين .
عن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه [لا ترغموا أبناءكم على عاداتكم , فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم ] . علينا أن نعتبر بهذا , وأن يكون منهجا لنا في مختلف أوجه حياتنا، إذ لم يعد الزمان ملائما للتفرد بالرأي , والأمر والنهي , وصم الآذان عما يقال في الصحف والمجلات الدولية, وطمس العيون عما يرى على الشاشات الفضائية , والتحسر على الماضي بحاضر أكثر انفتاحية , وأقرب للإباحية .
لقد تكون الوعي الحسي لدى الجيل الحاضر لالتقاط كل ما يقابله من غث وثمين , والقناعة الداخلية الكامنة – وعلينا كآباء ومربين ومسئولين – كل من واقع مسؤوليته – أن ندرك هذا بكل أحاسيسنا ونتعامل معه بمنتهى الحذر – وللقارئ والسامع والمشاهد حرية الاختيار وفقا لما نشأ عليه في البيت والمدرسة والمجتمع وهم أساس البناء , أو أدركه بأحاسيسه , أو لمسه من حال واقعه , أو بما تعلمه في سره , وليس لما يفرض عليه , أو يمنع منه , أو يجبر عليه .
لابد أن يكون هناك رأي آخر, وإن خالف رأينا, ومناقش أوسع علما, وأكثر إدراكا, ومتحدث أكثر براعة وخبرة , وكثير من المستمعين بقلوبهم , دون حرج أو حساسية , لنخرج بنتيجة مرضية , وقناعة صادقة , وخطوات ثابتة , قبل أن ندفع بأنفسنا للتهلكة .
علينا أن نتذكر قول الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام في أسس اختيار الزوج (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجيه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم في أسس اختيار الزوجة (تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك) رواه البخاري.
كيف يتسنى لنا إيجاد جيل مسلم مثقف إذا لم نأخذ بهذه القواعد الأساسية وننشئ الأب والأم على ذلك ! ومن سيرعاه ويحتضنه ليواجه التيارات المتعددة إذا لم نهيئ له الأرضية الصالحة ! أبالخادمات , والسائقين , والعمالة السائبة , ينشئ جيل يرعى الحقوق , ويحفظ الواجبات , ونزيلا في المهمات، وقادراً على تحمل المسئوليات !!!
قال العرب في الشعر:
الأم مدرسة إن أعددتها أعد # دت شعبا طيب الأعراق
إنني أرى أن تتبني إدارة الحوار الوطني مثلا – أو أي جهة أخرى – ضرورة طباعة وتوزيع تفاصيل حقوق وواجبات المرأة وفقا للمنهج الإسلامي , مع شرح مدى حاجة الأسرة والمجتمع للأم الحنون , والقلب الرحيم , والأسرة المتماسكة , والمجتمع المترابط , خاصة في ظل الأمواج التي تتقاذفنا , والرياح العاتية التي تهب علينا من كل جانب , وطرح استبانة شبيهة بالمرفقة، توزع على الأم والأخت والزوجة والابنة والحفيدة , ولا يمنع ذلك من تعبئتها للاستبانه المشار إليه في مقالي السابق بعنوان [ خلجات أفكار ] وما سبقها حول الموضوع , لمعرفة ما تريده حقاً المرأة أو بمعنى أدق كل فئة منهن, وما تتمناه فعلا , قولا وعملا , لا حديثا ومقالات , ومناقشات بيزنطية , ومهاترات صحفية , لا تجني من وراءها إلا هدر الجهد والمال والأوقات , وفقد العزة والكرامة, وربما البيت أو الأسرة، والمقابل … لا شيء يذكر أو يترجم على أرض الواقع !!
تحدثت في أربع مقالات سابقة عن هموم عظام , وأشجان جسام , تثقل كاهل الجيل المعاصر بجنسيه , وطرحت استبانه, حبذا لو حاول كل الإجابة عليها وإرسالها دون اسم إذا لم يرغب ذكر اسمه، أو مقارنتها بحاله وما ينبغي , ليعرف أين هو من الحال.
وطرحت في مقال آخر جانبا من هموم سيدات الأعمال ونظام السجل التجاري , وقد وجدت هذه الأطروحة تجاوبا مشكورا من قبل وزارة التجارة والصناعة . أرجو أن يستمر هذا التفاعل لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين بجنسية والمقيمين أيضا .
اليوم أُعيد تستطير مقالي عن المرأة بكل ما تحمله الكلمة من معانيها المرهفة الجميلة, وأخصها بهذه الاستبانة، مع بعض التعديلات بحكم عامل الزمن، فقط مضى حوالي خمس سنوات على نشره أول مرة في مجلة الغرفة التجارية بمكة، والإيجابيات لا تزال ضئيلة جداً، لكنها تبعث بصيص أمل, أرجو أن تحرص على الإجابة عليها بكل أمانة وصدق , لتتمكن من إيجاد حل لها , بدلا من العمل كالنعامة.
النموذج : مقترح لإستبانة حول المرأة وهمومها ومتطلباتها وأحلامها .
إعداد : المهندس الاستشاري والمحكم الدولي / إبراهيم حسين محمد سعيد جستنيه
نُشر بتاريخ سبتمبر 1, 2009