همسة العودة للصواب
دراسة الصدقة الجارية
الدين الإسلامي يصلح لكل زمان ومكان، فهو يُسْر وتيسير، وبساطة وعطف ومحبة، وتراحم ومودة، وأمن وأمان وسلام، ويصلح لكل زمانٍ ومكان. هو دين إلهي، وتوحيد حنيفي، وعلم منطقي، وفهم عقلي، ويقين صادق، وحقيقة ملموسة ومحسوسة. لا مُحَرَّمَ إلا ما حُرِّم بالنص، وما عدا ذلك فهو حلال ومباح، أو مكروه فعله.
الأئمة الأربعة الحنفي والشافعي والمالكي والحنبل -يرحمهم الله- لم يسبق لأحدهم الاعتراض على فتوى الآخر رغم تواجدهم في نفس الزمان مع اختلاف المكان والظروف المحيطة به، وهذا دليل واضح على أن أقوالهم ليست قاطعة لا تقبل التطوير أو المزيد من الدراسة والبحث والتحليل للتخفيف على المسلمين في مواكبة الظروف والعصور.
المقصود بمعنى الصدقة الجارية هي عملية مستمرة إلى يوم القيامة، وأجرها مستمر لا يحصيه إلا -الله سبحانه وتعالى- مثل حفر البئر، وبناء مسجد، وبناء رباط، وبناء دار للأيتام، أو دار للعلم وما في حكمها من المستجدات الزمانية والمكانية والبيئية، مع ما لا يمنع ولا يتعارض من كتابة اسم الفاعل لها تذكيراً وترحماً عليه.
أما الأشياء الاستهلاكية أو المستهلكة أو اللحظية، مثل إماطة الأذى عن الطريق، ومضخة الآبار وجهاز الأشعة، أو سيارة إسعاف أو نقل الموتى، أو رواتب العاملين في الأعمال الخيرية، أو طلبة العلم وما في حكمهم، فالغالب بحكم المنطق والمفهوم العام للمعنى الحقيقي للصدقة التي بعشر أمثالها، أن مفعولها ينتهي بانتهاء حالها أو تلافي فعاليتها.
وضع اسم فاعل صدقة جارية على مبنى أو قاعة أو غرفة عمليات أو ما يشابهها في عمل خيري، فعل يشابهه ما على البئر وما في حكمه، ولا يتعارض مع أي نص شرعي.
دراسة إخراج الزكاة العينية
الذى أفتى بعدم جواز إخراج الزكاة النقدية وتحويلها لعينية في زمانه وظروف معيشته، ترك الباب مفتوحا للظروف الزمانية والمكانية، كما كان يفعل الأئمة الأربعة الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي، ولم يسبق لأحدهم الاعتراض على فتوى لآخر رغم تواجدهم في نفس الزمان مع اختلاف المكان والظروف المحيطة به.
ورغم ذلك، فأقوالهم ليست قاطعة لا تقبل التطوير أو المزيد من البحث للتخفيف على المسلمين ومواكبة الظروف والعصور.
الشيء الوحيد الذي لا يقبل التأويل ولا التطوير هو القرآن الكريم لأنه من عند الله سبحانه وتعالى، وما فعله أو نُقل عنه صلى الله عليه وسلم. العلم مجال واسع جداً لا يمكن لأحد مهما بلغ فيه أن يدرك جزءً منه، لقوله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.).
لذلك لا يتوقف العلم والفهم على شخصيات معينة اجتهدت وأخرجت ما فهمت وما رأته من وجهة نظرها في تلك الظروف أنه صواب أو خطأ. الظروف الحالية تختلف تماما عن تلك الظروف. الهدف من الزكاة تطهير المال وسد حاجة المحتاج، وتحويل الزكاة النقدية لعينية يحقق الأهداف الرئيسية منها، ويفي بالغرض في الظروف الراهنة على الأقل. شكرا لك. انتهى.
{وقد أفتت درار الإفتاء المصرية بجواز ذلك أيضاً بما يلي، وقالت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” [يجوز إخراج الزكاة في صورة عينية ومنافع إذا كان فيها تمليك للفقراء أو صرفها عليهم، وإذا اختصت بهم وتملكوها، كما هو في ترميم بيوت الفقراء وتركيب أسقف، وإعادة بناء بيوت، وفي بناء مدارس، وفي تركيب صرفٍ صحيٍّ إذا تعلق بالبيوت، وفي توصيل مياهٍ للشرب، وفي قوافل طبية وعلاج المرضى، وفي توزيع بطاطين، وملابس، وأدوية، وشِنَطْ رمضان.
وأما المنافع العامة التي ليس فيها تمليك للفقراء: فالأصل أن الزكاة لا تُصرَفُ فيها إلَّا إذا انعدم ما يقومُ بها مِن أموال الصدقات والتبرعات، كبناء بنيةٍ أساسيةٍ للقرى، وبناء وحدات صحية، وغير ذلك، فهذه المنافع ليس فيها تمليك مباشر للفقراء الذى هم المقصود الأصلي منها] انتهى.
كما أفتى بعض من مشايخ السعودية بجواز إخراج الزكاة عينية عوضاً عن النقدية وبنفس القيمة أو المقدار، إن رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك}[1].
تم تدوين هذه المعلومة في 09/08/1443هـ، وجرى نشرها في موقع “منصة أكاديميون للثقافة” في 11/08/1443هـ، 14/03/2022م، وفي موقعي الخاص في 28/08/1443هـ، 31/03/2022م، بمناسبة قرب شهر رمضان المبارك واختلاف الظروف المعيشية على الكثير من الناس بسبب ما يحدث في العالم.
[1] تمت إضافة هذا الجزء خلاصة المحاورات والمناقشات على المنصة.
همسة عن ثلاثية الشخصية
قرأت مقالة الأستاذ ياسر عمر سندي “ثلاثية تأسيس الشخصية” في صحيفة مكة ليوم الأربعاء 17/11/2021م. مقال يتسلل للصميم، ويسترجع ذكريات بعيدة الأمد.
ما ذكره الكاتب من مزايا ومميزات لتلك المكونات الثلاثية للشخصية (الرماية والسباحة وركوب الخيل) ليست سوى قطرة من بحر -بحسب معلوماتي- أو توجيه إرشادي عام، نبوي شريف، وليس قاصراً عليها، خاصة إذا توفرت الامكانيات وتمت العناية بها منذ الطفولة.
قد تكون المقالة بداية جيدة لتحقيق أحلام وطموحات مر عليها أكثر من نصف قرن، كتب عنها الكثير، ونادى بها العديد من الآباء والكتاب والمربين وغيرهم بأساليب مختلفة، ونظرات متنوعة، ورؤى بعيدة، رحل الكثير منهم دون أن تنعم نفوسهم بتحقيق تلك الآمال لتنشئة أجيال قوية بالإيمان، متمكنة بالعلم، ناشرة للسلام، داعية للإسلام، فاهمة بالإدراك، واعية بالسليقة، مستوعبة بالنظرة، مستشعرة باللمسة.
الإجازات الصيفية فرصة كبيرة لا تعوض، وعطلة نهاية الأسبوع وقت طائع بين التجوال في الشوارع والطرقات، أو بين المولات، أو على طاولات المقاهي وأرفف السيارات، أو على شاشات الهواتف وغيرها من الفسيفسائيات لتصفح الغث والقليل من السمين دون رقيب ولا حسيب.
حبذا لو تتم الاستفادة من المدارس ذات الفناء الواسع بعمل نادي للطلاب، مختلف الهوايات يبدأ من بعد صلاة العصر مثلاً حتى صلاة العشاء ليتمكن الطلبة من المذاكرة وحل واجباتهم بعد ذلك، أو تطويره ليكون ملتقى علمي للطلاب بالمدرسين والإجابة على الأسئلة وحل الواجبات بين فترات اللعب والتسلية، وتطوير حال الطابور الصباحي ليكون ذو معنى حقيقي لعملية الانضباط والتدريب على الحركات الرياضية، ويمكن تقسيم أنواع الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية والتطوعية لتكون في أكثر من مدرسة سواء في نفس الحي أو في أحياء متجاورة، وعمل مسابقات، وتقديم جوائز معنوية أو مادية متواضعة لتشجيعهم على المواظبة، والاستفادة من مدرسي تلك الأنشطة ودعمهم لتنمية قدراتهم، مع الاستعانة بخبرات المتقاعدين وذوي الخبرة منهم والسماح لهم بالقيام بدورهم في حسن التربية، ودعمهم مادياً ومعنوياً.
وقد يكون التعاون مع بعض الأندية الرياضية التي تتوفر فيها الأنشطة التي يتعذر توفيرها في المدرسة مجدياً، خاصة مع الدعم السخي من وزارة الثقافة، مع مراعاة عدم تداخل طلاب وطالبات المدارس مع لاعبي ولاعبات ومرتادي تلك الأندية.
فكرة سريعة لخطوة شاملة لتنشئة الأجيال التنشئة السليمة، يستغل فيها الطلاب والطالبات أوقات فراغهم بالمفيد، وتتحسن صحتهم، وتقوى بنيتهم، وتتوسع أفكارهم، وترتفع طموحاتهم، وتبرز قدراتهم، وتخرج إبداعاتهم، وتنطلق ابتكاراتهم. وكلما كانت الإدارة جيدة وقوية، والرقابة صارمة، والدعم سخياً وقوياً، كلما كانت النتائج أكثر إيجابية، وأقرب للأولوية الدولية، ومفخرة وطنية عالمية.
هذه الخطوة لا تعني التوقف عن المهرجانات والاحتفالات العامة التي قد يحتاج بعضها لشيء من التوازن، لأن هذه عامة وشاملة دولية ومحلية، أما تلك فهي خاصة ومخصصة لفئة عمرية معينة.
أتمنى أن تصل الفكرة العامة لذوي المسؤولية وأهل الصلاحية لدراستها بجدية مع ذوي الاختصاص وتحقيق أهدافها تمشياً مع قواعد الرؤيا 2030م، واستكمالاً لمسيرة التنمية المستدامة وبرنامج جودة الحياة.
والله المستعان.
همسة طلب انقاذ
من المؤلم جداً، والمؤسف حقاً أن مكتبة المنزل قد أصبحت عبئاً ثقيلاً جداً على الكثير منا، يبحث الكثير منا عمن يأخذها ليستفيد منها بأي شكل، أو يرسلها للحراج لتباع بأبخس الأثمان، والبعض يضعها في سلات المهملات، أو يهجرها لتصبح طعاماً للفئران، لم يعد لها مكان بيننا، بينما كانت تتصدر مجالسنا، وكان الكتاب والقلم بالحبر السائل والريشة أفضل هدية لنا في المراحل الدراسية في زماننا. كم نكون سعداء عندما تتاح لنا فرصة الزيارة أو البحث أو الحصول على كتاب في مكتبة أحد الأشخاص المعروفين في ذلك الزمان بمكتبته القيمة واقتنائه للكتب الدسمة في مجالات مختلفة، أو الجلوس بين العلماء والفقهاء والأدباء والمثقفين للتعلم والاستفادة من حواراتهم ومناقشاتهم الهادئة. لم يبق من مرتادي المكتبات المتبقية إلا القلة النادرة بعد أن كانت مزدحمة مهما اتسعت. طغت على تواجدها عدة عوامل ومتغيرات، ويسرت تجاهلها تواجد التقنيات الحديثة وسهولة على الحصول على المعلومة.
ترى! هل نطيق فِراقها بعد هذه العشرة الطويلة والأيام الجميلة بين صفحات محتوياتها، والمعلومات القيمة التي تعلمناها ولا نزال نتعلم منها! وهل تهون علينا بهذه البساطة بعد أن كانت جزءً من حياتنا اليومية! إن ما يحدث للكثير من المكتبات المنزلية في عصرنا الحاضر أمر عجيب لم يكن في الحسبان، وهو ما دفعني لتقديم فكرة “لمجموعة البيوتات والعوائل المكية” و”مشروع مجموعة الحارات المكية القديمة، أو حارات مكة المكرمة القديمة” 13/03/1443هـ، 10/10/2021م، تحت عنوان “همسة لشقاق مكة المكرمة” كوني أحد أعضائها وعضواً في مجلسها التنسيقي، واحد أعضاء مجلس مستشاريها الستة، وذلك لتبني رعاية هذه المكتبات والمحافظة عليها بجمعها ووضعها في مكتبة كبيرة خاصة ضمن المشروع الاستثماري المقترح “الحي النموذجي لحواري وحارات مكة المكرمة قديماً” والانفاق عليها من ريع مشروع الحي كأحد بنود المصروفات، إذ من المخزي جداً أن بعض المكتبات المنزلية تباع في حراج الصواريخ بجدة، الكتاب بريال واحد، أو على المتاجرين بالكتاب المظلوم، وخاصة المخطوطات والوثائق والكتب القديمة، شيء لا يصدقه العقل ولا يقبله المنطق، بالإضافة لبعض المقترحات الأخرى.
أهيب بالجميع أن يسارعوا لتحقق انقاذ هذه المكتبات القيمة وما في حكمها بأقصى سرعة ممكنة من الاندثار، والمحافظة على أسماء أصحابها، ومنحهم الثواب شكراً لهم على عطائهم القيم، وذلك بتبني مقترح مشروع “المكتبة المكية” أو ما يشابهها، من قبل مجموعة من الإخوة والأخوات الكرام، والتنسيق مع تلك المجموعات قبل فوات الأوان، فأجرها كبير ومستمر باستمرار المحافظة عليها لكل من يساهم فيها ولو بريال واحد، وجعلها داراً خالدة الثواب لأسلافنا، ومرجعاً وثائقياً لتاريخنا، ودليلاً على عراقة حضارتنا، ومركزاً تعليمياً للدارسين والباحثين عن العلم وطالبي المعلومات، والراغبين في المعرفة على اختلاف أعمارهم وهوياتهم وجنسياتهم ومعتقداتهم.
نشر بتاريخ 28 ديسمبر 2021
همسة عن المطبوعات الورقية
أشكر الأخت فاتن محمد حسين على حرصها الشخصي لإرسال رابط مقالتها (الصحف الورقية بين الاندثار والهندرة) في صحيفة المدينة بتاريخ 17/11/2021م، على الواتس آب الشخصي.
الحقيقة، أن الكثير من الكتب والمطبوعات الورقية الجيدة تراجعت العناية بها منذ عدة سنوات بسبب اجحاف دور النشر والطباعة والتوزيع في الشروط المفروضة على المؤلفين والكتاب، وكثير من الكتب والمطبوعات الموجودة في الأسواق والمكتبات ومعارض الكتاب تهتم بالكم ولا تعرف للكيف سبيلا، لأنها تريد كسب أكبر قدر ممكن مادياً دون النظر للمحتوى والكيف، وهذا أحد أسباب توقف العديد من الكتاب والمؤلفين عن مواصلة رسالتهم وتراجع عزيمتهم وإصابة بعضهم بصدمات نفسية أو عصبية أو غيرها.
سبق أن كتبت عن هذا في خطاب رسمي لمعالي وزير الإعلام عام 1424هـ، وقدمت بعض المقترحات، إلا أنني لم أجد أي تجاوب، وأشرت لذلك أيضاً في مقدمة كتابي “رجل المهمات الصعبة” 1439هـ، ولم يتطور شيء، بل يحدث العكس. وأذكر أنني قرأت مقالة للأستاذ موفق النويصر (بماذا يريد وزير الإعلام أن نتذكره) في صحيفة مكة في 17/11/1440هـ.
لا شك أن التطورات المعلوماتية، فتحت المجال أمام الجميع لملء الفراغ الواسع دون النظر لجودة المادة وأهدافها ونتائجها، لكن الكِتاب أو الصحيفة أو المعلومة المطبوعة لها عشاقها ومفهوم أهدافها، وهي الباقية والمؤثرة مهما تطورت وسائل التواصل، وأقرب مثال ما حدث قبل أيام عندما تعطلت وسيلة التواصل الواتس آب، وما يجري حالياً على موقع الياهو yahoo mail، وهذا أمر متوقع في أي وقت له ولغيره من تلك الوسائل. أما المطبوعة الورقية فهي محفوظة رغم مرور العصور، وبها وصلتنا المعلومات عن تاريخ العصور السابقة وأعمال الأسلاف الخالدة، والاختراعات والنظريات التي لا نزال نستخدم بعضها ونطور البعض الآخر، أو نستحدث غيرها.
مع تقديري لفكرة تحويل المؤسسات الصحفية لشركات، فمن وجهة نظري وتجاربي المتنوعة، ليست كل الأعمال تصلح لتكون شركات، وبعضها لا ينجح في أن يكون مؤسسة، وأصحاب الرأي النهائي هم المختصون في ذلك. أما موضوع تأخير تسديد قيمة الإعلانات الحكومية فهو ذو شجون طويلة بين المطرقة والسندان كأي موضوع مشابه، وأصحابها الأجدر بالإجابة عليها.
أتمنى أن تكون هناك جهة راعية للكتاب والكتاب والمؤلفين، وأن يُقام مشروع استثماري مشترك لتمويل الصحافة والصحف، وجهة قادرة علي حسن التمييز بين الغث والثمين، ومراعاة تطبيق قواعد جودة العبارة والتعبير، والمحافظة على حسن استخدام قواعد اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، وتجنب المجاملات والمحسوبيات وخاصة عندما تمس الأشخاص والأطفال والمجتمع.
نشر بتاريخ نوفمبر 2021,17
همسة أمل (2)
تحدثت في مقال سابق بتاريخ 28/02/1443هـ، تحت نفس العنوان، عن الأمل في أن يكون ضمن المادة الثالثة من المواد التي يدرسها الوزراء والعلماء بمناسبة انعقاد الدورة ال (18) للمائدة الوزارية المستديرة لمنتدى العلوم والتكنولوجيا 2021 (STS Forum) عن بعد، والتي تم انعقادها في مدينة كيوتو اليابانية (5 أكتوبر 2021م)، إلى جانب مناسبة اليوم العالمي للمعلم، أن تشمل المادة [السماح لأي باحث من المواطنين بالحصول على المعلومات المطلوبة من جهات العلاقة ببحثه -وإجراء التجارب والفحوصات المخبرية اللازمة لبحثه، إذا تطلب البحث ذلك- وتدوين النتائج والتحليلات والاستنتاجات، ومساندته بكل الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة من نشر العلم والثقافة والتطوير والابتكار والإبداع].
استكمالاً لذلك الموضوع، فإن على كل إنسان يستطيع أن يواصل تحصيل العلم، أن يكون تحصيله له حباً فيه، ورغبة شديدة في أن يحقق منه المنفعة العامة، لا طمعاً به ولا وسيلة محظورة. تعليم الإنسان خلال مراحل حياته، دون تحديد فترة زمنية، أو نوعية معينة، أو عمر أو مكان مخصص، يستثمر خلالها جميع وسائل التطورات في شتى المجالات والتخصصات وتنمية المجتمعات، وحسن الاستفادة من الكفاءات والخبرات والمهارات الوطنية والأجنبية، سواء ضمن الأنظمة التعليمية الرسمية أو خارجها، خاصة بعد أن أصبح التعليم المستمر المباشر والغير مباشر، أو من خلال الخبرات والممارسات ونقل التكنولوجيا، يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الحياة البشرية الطبيعية منذ الولادة وحتى الممات.
من المؤلم جداً، أن دور مؤسسات التعليم بأنواعه وعلى اختلاف مراحلها في بلادنا، لا تطبق هذه المبادئ، ولا تشجع على انتهاجه، بل تصر على سنوات العمر المحدودة لتلقي العلم منها والعلوم معها، ثم التوقف عندها في انتظار الأجل المحتوم، مما يفقدنا الكثير من المعلومات القيمة والتجارب الجيدة والخبرات الواسعة. قد يكون ذلك لأسباب معقولة يمكن معالجتها إذا تمت مناقشتها بجدية، ووضعت قاعدة قوية لتبنيها، أو مجهولة يمكن تحليلها وتصحيحها، إذا تبنتها جهة الصلاحية، أو بسبب محدودية الأماكن في مؤسساتها، لإتاحة الفرصة لمن تنطبق عليه الشروط العمرية، وهذا خلل في المفاصل، وإجحاف كبير في حق العاشقين للعلم والمعرفة ومواصلة التعليم، وفي حق نشر العلم، إذ لكل فرد دور رئيسي وفعال في بناء المجتمع وتحقيق غاياته وأهدافه، ومواصلة التعلم خير معين على ذلك، وهو ما يأمرنا به الكتاب المبين في أول سورة نزلت على نبيه الأمين، عليه افضل الصلاة والتسليم.
إن تبني صدور وتنفيذ قرار السماح بالتعليم المستمر لمحبيه وعاشقيه على اختلاف تخصصاتهم دون التقيد بسنوات العمر أو الزمان أو المكان في قطاع مخصص أو مرتبط بمؤسسات التعليم الموجودة، ودعم وتشجيع رُواده بكل الوسائل المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة منه، سيساهم بقدر كبير في تنمية الشغف المعرفي ومواصلة الاعتزاز بالقيم والعادات الحسنة والتقاليد المحبذة، وسيدعم عملية قبول التحدي من الجنسين ذكوراً وإناثاً للنجاح في مسيرة الحياة المستدامة، وسيكون له نصيب وافر في المزيد من عمليات الابتكار وفرص الإبداع وحالات التميز، وسيعزز مفهوم التنافسية التعليمية والمعلوماتية والتعريفية بينهم، وسيركب رواده قطار تحقيق متطلبات الحياة القيادية، وسيفتحون بوابة الريادة، ويمسكون بزمام القيادة العلمية والحضارية، وسيكون لهم شرف ربط الحاضر بماضي أسلافنا العريق، وفتح المجال أمام أجيالنا القادمة لتكمل ما يبدؤون به، مع حسن الاستفادة من الخبرات المتنوعة، والاسترشاد بالكفاءات المختلفة في شتى المجالات والتخصصات.
نشر بتاريخ اكتوبر 2021,20
همسة لعشاق مكة المكرمة
تعددت وتنوعت وسائل التواصل الحديثة، مما أتاح الفرصة للفرد في اختيار الوسيلة التي ترضيه أو يجد فيها مبتغاه. عضويتي في مجموعة واتساب “البيوتات والعوائل المكية” التي أنشاها الشريف محمد آل زيد وترعاها جمعية الشيخ صالح صيرفي -بحسب معلوماتي، جراهم الله خير- عرفتني بالكثير من الأحباب والمحبين والمثقفين والعاشقين لمكة المكرمة من الذكور والإناث، والقليل من القدماء ومجموعة من المعاصرين والشباب على مائدة المحبة وأيام الذكريات.
أفلج صدري جداً بالسعادة والأمل معرفة امتلاك الكثير منهم لمكتبة قيمة، أو هواية جميلة تشكيلية أو خيالية أو أثرية أو تراثية، أو صور لبعض الأسر والمواقع الأثرية والتاريخية، وحرك المشاعر الدفينة، واسترجاع الكثير من الآمال والطموحات العتيقة التي وقفت الكثير من العقبات دون تحقيقها منذ زمن بعيد وحتى الآن، فتفاعلت الأحاسيس الجياشة المتبادلة مع المجموعة نحو مكة الحبيبة، فأخذ الجميع يفكر بصوت مرتفع ويناقش بهدوء ويرحب بسعادة، ويستقبل بمحبة، ويناقش بعقلانية.
أُلخص بعضاً من تلك الآمال والأحلام التي سبق أن طرحتها مرات عديدة في مناسبات مختلفة، ولا تزال تراودني باستمرار، لإقامة المشاريع الموضحة أدناه ممثلة في هيئة أو شركة استثمارية مساهمة رسمية ذات ذمة مالية مستقلة، تخضع للأنظمة والتعليمات ذات العلاقة، ويمكن أن تستثنى لها حالات خاصة بموافقة كريمة، ولها أنظمة وتعليمات خاصة بها واضحة ومحددة، متمنياً على كل عاشق ومحب لمكة المكرمة أن يساهم بنصيب في تحقيقها.
01- عمل مجسم طبيعي كامل خارج منطقة الحرم -حتى يتمكن الغير مسلمين من زيارته- على مساحة كافية، يَجْمَعْ الأحياء المحيطة بالمسجد الحرام قبل التوسعات السعودية كمشروع استثماري متكامل الخدمات الحديثة، له مجلس إدارة مستقل، ومجلس أو إدارة تنفيذية ذات صلاحيات واختصاصات مبينة، وأقترح مسماه {الحي النموذجي لحواري وحارات مكة المكرمة قديماً}
02- إقامة متحف كبير ضمن المشروع يتضمن الصور والمجسمات والنماذج والرسومات الموجودة لدى الأفراد الراغبين بدلاً عن بقائها مخبأة لديهم، والمعبرة عن الأحاسيس الداخلية والمشاعر التفاعلية والتراث والتاريخ المكي العتيق، وفتح المجال للمبدعين لإضافة المزيد، في صالات مستقلة ومتعددة، وصالة لعرض الأفلام الوثائقية والتاريخية بعدة لغات. هذا المتحف سيكون شاهداً حضورياً على حضارتنا، ومعبراً واقعياً عن ثقافتنا، ومؤكداً تطبيقياً لعراقة أسلافنا، ويمكننا استنساخ نسخة منه نشارك بها في جميع المعارض الدولية في جناح بلادنا الغالية.
03- جمع كتب ومخطوطات مكتبات الأسر أو الأشخاص الغير راغبين في بقائها عندهم، ومن يرغب كذلك من الآخرين، ووضعها في أجنحة مخصصة باسم كل منها داخل مكتبة كبيرة ضمن الحي النموذجي، ويمكن إضافة أي كتب تصلها مجانناً، تكون داراً مجانية للعلم والثقافة والأبحاث، أسوة بمكتبة المسجد الحرام والمسجد النبوي، يكلف برعايتها أخصائيون تصرف مكافآتهم من ريع المشروع، كأحد بنود الإدارة العامة والتشغيل والصيانة للمشروع، ويشرف عليه مجلس إدارة منتخب.
04- توفير المرشدين السياحيين المرخصين من جهة العلاقة، والخرائط واللوحات الإرشادية والنشرات ووسائل الإعلام والدعاية اللازمة، وتأمين وسائل النقل العام والخاص من وإلى المشروع، بالإضافة للمواصلات الداخلية في المشروع.
لا شك أن إقامة مثل هذه المجموعة من المشاريع سيكون لها أثر كبير على استقطاب المزيد من السياح والمعتمرين، وتعريف الناس بعراقة تاريخنا وقوة حضارتنا، ولها أثر إيجابي كبير في فتح المجال أمام العديد من الأيدي العاملة في مختلف المجالات، وسيساهم بقدر ممتاز في الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير مصادر جديدة للدخل لا تعتمد على البترول، وفي تحقيق بنود من الرؤيا 2030م، إلى جانب خطط التنمية المستدامة.
أتمنى أن يرى العالم كله هذه الأحلام حقيقة واقعية في أقرب فرصة، فالزمن يستمر، والإيام تتوالى، وقطار المسيرة المستدامة لا ينتظر، وتذكيراً للعالم الواسع حتى لا ينساها، وحفاظاً على ذكراها وذكرياتها التي يجهلها الكثير من الأبناء، ناهيك عن الأحفاد، تاريخ أسلافهم العريق، وحضارة دينهم الوحيد.
نشر بتاريخ اكتوبر،٢٠٢١،١٩
همسة أمل
بمناسبة انعقاد الدورة ال (18) للمائدة الوزارية المستديرة لمنتدى العلوم والتكنولوجيا 2021 (STS Forum) عن بعد، والمنعقدة في مدينة كيوتو اليابانية (5 أكتوبر 2021م)، بحضور عدد من الوزراء والعلماء والباحثين من 57 دولة والاتحاد الأوروبي، وبالإشارة للمواد السته التي استعرضتها المائدة الوزارية خلال جلساتها، وبمناسبة اليوم العالمي للمعلم.
ونظراً لدخول المملكة عالم التطورات الحديثة والمسيرة المستدامة، واكتشاف العديد من المبدعين والمبتكرين المواطنين في مجالات مختلفة.
نأمل أن يكون ضمن المادة الثالثة منها [السماح لأي باحث من المواطنين بالحصول على المعلومات المطلوبة من جهات العلاقة ببحثه -وإجراء التجارب والفحوصات المخبرية اللازمة لبحثه، إذا تطلب البحث ذلك- وتدوين النتائج والتحليل والاستنتاج ومساندته بكل الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة من نشر العلم والثقافة والتطوير والابتكار والإبداع] مجاناً، بل وتشجيعه ودعمه معنويا، ومادياً حتى وإن تجاوز سن الثلاثين من عمره، أو كان متقاعداً أو غير عامل في أي قطاع، طالما أنه قادراً على تقديم خبراته ونشر معلوماته وتطوير أبحاثه في أي تخصص أو مجال]، وتحقيق طلبه لمناقشتها مع الجهة ذات العلاقة ببحثه -إذا لزم الأمر- وتوجيه الجامعات وجميع الجهات المعنية بذلك.
نشر بتاريخ اكتوبر 2021,5