إبراهيم بن حسين جستنيه

همسة لعشاق مكة المكرمة

تعددت وتنوعت وسائل التواصل الحديثة، مما أتاح الفرصة للفرد في اختيار الوسيلة التي ترضيه أو يجد فيها مبتغاه. عضويتي في مجموعة واتساب “البيوتات والعوائل المكية” التي أنشاها الشريف محمد آل زيد وترعاها جمعية الشيخ صالح صيرفي -بحسب معلوماتي، جراهم الله خير- عرفتني بالكثير من الأحباب والمحبين والمثقفين والعاشقين لمكة المكرمة من الذكور والإناث، والقليل من القدماء ومجموعة من المعاصرين والشباب على مائدة المحبة وأيام الذكريات. 

أفلج صدري جداً بالسعادة والأمل معرفة امتلاك الكثير منهم لمكتبة قيمة، أو هواية جميلة تشكيلية أو خيالية أو أثرية أو تراثية، أو صور لبعض الأسر والمواقع الأثرية والتاريخية، وحرك المشاعر الدفينة، واسترجاع الكثير من الآمال والطموحات العتيقة التي وقفت الكثير من العقبات دون تحقيقها منذ زمن بعيد وحتى الآن، فتفاعلت الأحاسيس الجياشة المتبادلة مع المجموعة نحو مكة الحبيبة، فأخذ الجميع يفكر بصوت مرتفع ويناقش بهدوء ويرحب بسعادة، ويستقبل بمحبة، ويناقش بعقلانية. 

أُلخص بعضاً من تلك الآمال والأحلام التي سبق أن طرحتها مرات عديدة في مناسبات مختلفة، ولا تزال تراودني باستمرار، لإقامة المشاريع الموضحة أدناه ممثلة في هيئة أو شركة استثمارية مساهمة رسمية ذات ذمة مالية مستقلة، تخضع للأنظمة والتعليمات ذات العلاقة، ويمكن أن تستثنى لها حالات خاصة بموافقة كريمة، ولها أنظمة وتعليمات خاصة بها واضحة ومحددة، متمنياً على كل عاشق ومحب لمكة المكرمة أن يساهم بنصيب في تحقيقها.  

01- عمل مجسم طبيعي كامل خارج منطقة الحرم -حتى يتمكن الغير مسلمين من زيارته- على مساحة كافية، يَجْمَعْ الأحياء المحيطة بالمسجد الحرام قبل التوسعات السعودية كمشروع استثماري متكامل الخدمات الحديثة، له مجلس إدارة مستقل، ومجلس أو إدارة تنفيذية ذات صلاحيات واختصاصات مبينة، وأقترح مسماه {الحي النموذجي لحواري وحارات مكة المكرمة قديماً}

02- إقامة متحف كبير ضمن المشروع يتضمن الصور والمجسمات والنماذج والرسومات الموجودة لدى الأفراد الراغبين بدلاً عن بقائها مخبأة لديهم، والمعبرة عن الأحاسيس الداخلية والمشاعر التفاعلية والتراث والتاريخ المكي العتيق، وفتح المجال للمبدعين لإضافة المزيد، في صالات مستقلة ومتعددة، وصالة لعرض الأفلام الوثائقية والتاريخية بعدة لغات. هذا المتحف سيكون شاهداً حضورياً على حضارتنا، ومعبراً واقعياً عن ثقافتنا، ومؤكداً تطبيقياً لعراقة أسلافنا، ويمكننا استنساخ نسخة منه نشارك بها في جميع المعارض الدولية في جناح بلادنا الغالية. 

03- جمع كتب ومخطوطات مكتبات الأسر أو الأشخاص الغير راغبين في بقائها عندهم، ومن يرغب كذلك من الآخرين، ووضعها في أجنحة مخصصة باسم كل منها داخل مكتبة كبيرة ضمن الحي النموذجي، ويمكن إضافة أي كتب تصلها مجانناً، تكون داراً مجانية للعلم والثقافة والأبحاث، أسوة بمكتبة المسجد الحرام والمسجد النبوي، يكلف برعايتها أخصائيون تصرف مكافآتهم من ريع المشروع، كأحد بنود الإدارة العامة والتشغيل والصيانة للمشروع، ويشرف عليه مجلس إدارة منتخب. 

04- توفير المرشدين السياحيين المرخصين من جهة العلاقة، والخرائط واللوحات الإرشادية والنشرات ووسائل الإعلام والدعاية اللازمة، وتأمين وسائل النقل العام والخاص من وإلى المشروع، بالإضافة للمواصلات الداخلية في المشروع.

لا شك أن إقامة مثل هذه المجموعة من المشاريع سيكون لها أثر كبير على استقطاب المزيد من السياح والمعتمرين، وتعريف الناس بعراقة تاريخنا وقوة حضارتنا، ولها أثر إيجابي كبير في فتح المجال أمام العديد من الأيدي العاملة في مختلف المجالات، وسيساهم بقدر ممتاز في الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير مصادر جديدة للدخل لا تعتمد على البترول، وفي تحقيق بنود من الرؤيا 2030م، إلى جانب خطط التنمية المستدامة. 

أتمنى أن يرى العالم كله هذه الأحلام حقيقة واقعية في أقرب فرصة، فالزمن يستمر، والإيام تتوالى، وقطار المسيرة المستدامة لا ينتظر، وتذكيراً للعالم الواسع حتى لا ينساها، وحفاظاً على ذكراها وذكرياتها التي يجهلها الكثير من الأبناء، ناهيك عن الأحفاد، تاريخ أسلافهم العريق، وحضارة دينهم الوحيد.

نشر بتاريخ اكتوبر،٢٠٢١،١٩